لمن يريد اقتناء الموسوعة العلمية للرموز الاثريه من تأليف الدكتور غالينوس ان يبادر الى مراسلة الدكتور غالينوس على الخاص


استرجاع كلمة المرور طلب كود تفعيل العضوية تفعيل العضوية قوانين المنتدى
العودة   منتدى كنوز ودفائن الوطن > منتدي الاسلامي > الاسلاميات العامة > شخصيات اسلامية

اعلانات

  انشر الموضوع
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 08-04-2012, 07:10 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
محمود داوود
اللقب:
عضو فخري
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية محمود داوود


البيانات
التسجيل: Feb 2012
العضوية: 9126
المشاركات: 1,613 [+]
بمعدل : 0.36 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
محمود داوود غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : شخصيات اسلامية
أسد الله .. وسيد الشهداء


* قال صلى الله عليه وسلم :( سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ) السلسلة الصحيحة.
* هو حمزة بن عبد المطلب ( أبو عمارة ) ، عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة فهما من جيل واحد نشأ معا ، ولعبا معا ، وتآخيا معا كان يتمتع بقوة الجسم ، وبرجاحة العقل ، وقوة الارادة ، فأخذ يفسح لنفسه بين زعماء مكة وسادات قريش ، وعندما بدأت الدعوة لدين الله كان يبهره ثبات ابن أخيه ، وتفانيه في سبيل إيمانه ودعوته ، فطوى صدره على أمر ظهر في اليوم الموعود...يوم إسلامه.

* اسلام حمزة:
- كان حمزة رضي الله عنه عائدا من القنص متوشحا قوسه ، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج إليه وكان إذا عاد لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معه ، فلما مر بالمولاة قالت له:( يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه مايكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلى الله عليه وسلم)..
- فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به ، فلما وصل إلى الكعبة وجده جالسا بين القوم ، فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له: ( أتشتم محمدا وأنا على دينه أقول ما يقول ؟.. فرد ذلك علي إن استطعت )..
- وتم حمزة رضي الله عنه على إسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع ، وان حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه ، وذلك في السنة السادسة من النبوة.

* حمزة وجبريل:
- سأل حمزة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريه جبريلَ في صورته ، فقال: ( إنك لا تستطيع أن تراه ) قال: ( بلى ) قال: ( فاقعد مكانك ) فنزل جبريل على خشبة في الكعبة كان المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا بالبيت ، فقال: ( أرْفعْ طَرْفَكَ فانظُرْ ) فنظر فإذا قدماه مثل الزبرجد الأخضر ، فخرّ مغشياً عليه.

* حمزة و الاسلام:
- ومنذ أسلم حمزة رضي الله عنه نذر كل عافيته وبأسه وحياته لله ولدينه حتى خلع النبي صلى الله عليه وسلم عليه هذا اللقب العظيم: ( أسد الله وأسد رسوله )..
- وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين حمزة وبين زيد بن حارثة ، وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو كان أميرها حمزة رضي اللـه عنه..
- وأول راية عقدها الرسـول صلى اللـه عليه وسلم لأحد من المسلمين كانت لحمزة..
- ويوم بدر كان أسد اللـه هناك يصنع البطولات ، فقد كان يقاتل بسيفين ، حتى أصبح هدفا للمشركين في غزوة أحد يلي الرسول صلى الله عليه وسلم في الأهمية.

* استشهاد حمزة:
- ( اخرج مع الناس ، وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق ) هكذا وعدت قريش عبدها الحبشي ( وحشي غلام جبير بن مطعم ) ، لتظفر برأس حمزة مهما كان الثمن ، الحرية والمال والذهب الوفير ، فسال لعاب الوحشي ، وأصبحت المعركة كلها حمزة رضي الله عنه..
- وجاءت غزوة أحد ، والتقى الجيشان ، وراح حمزة رضي الله عنه لا يريد رأسا إلا قطعه بسيفه ، وأخذ يضرب اليمين والشمال و ( الوحشي ) يراقبه ، يقول الوحشي :( ... وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في ثنته ( ما بين أسفل البطن إلى العانة ) حتى خرجت من بين رجليه ، فأقبل نحوي فغلب فوقع ، فأمهلته حتى إذا مات جئت فأخذت حربتي ، ثم تنحيت إلى العسكر ، ولم تكن لي بشيء حاجة غيره ، وإنما قتلته لأعتق )..
- وقد أسلم ( الوحشي ) لاحقا فهو يقول: ( خرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فلم يرعه إلا بي قائما على رأسه أتشهد بشهـادة الحـق ، فلما رآني قال: ( وحشي ) قلت: ( نعم يا رسـول اللـه ) قال: ( اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة ؟ ) فلما فرغت من حديثي قال: ( ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك ! ) فكنت أتنكب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان ، لئلا يراني حتى قبضه الله صلى الله عليه وسلم).

- واستشهاد سيد الشهداء رضي الله عنه لم يرض الكافرين وإنما وقعت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي معها ، يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يجد عن الآذان والأنف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنفهم خدما ( خلخال ) وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا .. وبقرت عن كبد حمزة ، فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها ، فلفظتها.

* حزن الرسول على حمزة:
- وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم يلتمس حمزة بن عبد المطلب ، فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به ، فجدع أنفه وأذناه ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم حين رأى ما رأى: ( لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم !)..
- فلما رأى المسلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه ما فعل قالوا: ( والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب )..
- فنزل قوله تعالى: ( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، واصبر وما صبرك إلا بالله ، ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون )..
- فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى عن المثلة ، وأمر بحمزة فسجي ببردة ، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى فيوضعون إلى حمزة ، فصلى عليهم وعليه معهم ، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة.. وكان ذلك يوم السبت ، للنصف من شوال ، سنة (3) للهجرة.

* البكاء على حمزة:
- مرّ الرسول صلى الله عليه وسلم بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وظَفَر ، فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم ، فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ، ثم قال: ( ولكن حمزة لا بواكي له )..
- فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل ، أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولمّا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين عليه ، فقال: ( ارجعن يرحمكن الله ، فقد آسيتنّ بأنفسكم ).

* فضل حمزة:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب )..
- كما قال لعلي بن أبي طالب: (... يا عليّ أمَا علمتَ أنّ حمزة أخي من الرضاعة ، وأنّ الله حرّم من الرضاع ما حرّم من النّسب ).

*عَيْن معاوية:
- لمّا أراد معاوية أن يُجري عَيْنَهُ التي بأحد كتبوا إليه: ( إنّا لا نستطيع أن نجريها إلا على قبور الشهداء )...فكتب إليهم: ( انْبُشُوهم ).. يقول جابر بن عبدالله: ( فرأيتهم يُحْمَلون على أعناق الرجال كأنّهم قوم نيام )...وأصابت المسحاةُ طرفَ رِجْلِ حمزة بن عبد المطلب فانبعث دَمَاً.



الصديق


قال تعالى :( ثاني اثنين إذ هما في الغار ، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا )

- هو عبد الله بن أبي قحافة، من قبيلة قريش، ولد بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بثلاث سنيـن ، أمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية بنت عم أبيه ، كان يعمل بالتجارة ومـن أغنياء مكـة المعروفين ، وكان أنسب قريشاً لقريش وأعلم قريـش بها وبما كان فيها من خير وشـر وكان ذا خلق ومعروف يأتونه الرجال ويألفونـه اعتنـق الإسلام دون تردد فهو أول من أسلم من الرجال الأحرار ثم أخذ يدعو لدين اللـه فاستجاب له عدد من قريش من بينهم عثمـان بن عفـان ، والزبيـر بن العـوام ، وعبدالرحمـن بن عـوف ، والأرقـم ابن أبي الأرقـم.

* إسلامه :
- لقي أبو بكر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال :( أحقّ ما تقول قريش يا محمد من تركِكَ آلهتنا ، وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آباءَنا ؟!).فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( إني رسول الله يا أبا بكر ، ونبّيه بعثني لأبلغ رسالته ، وأدعوك إلى الله بالحق ، فوالله إنه للحق أدعوك إلى الله يا أبا بكر ، وحده لا شريك له ، ولا نعبد غيره ، والموالاة على طاعته أهل طاعته ).وقرأ عليه القرآن فلم ينكر ، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد ، وأقرّ بحقّ الإسلام ورجع أبو بكر وهو مؤمن مُصَدّق.يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كَبْوَة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عَتّم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه ).

* أول خطيب :
- عندما بلغ عدد المسلمين تسعة وثلاثين رجلاً ، ألح أبو بكر على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الظهور فقال الرسول :( يا أبا بكر إنّا قليل ).فلم يزل يلح حتى ظهر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد ، وكل رجل معه ، وقام أبو بكر خطيباً ورسول الله جالس ، وكان أول خطيب دعا إلى الله عزّ وجل والى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين ، فضربوهم ضربا شديدا ، ووُطىءَ أبو بكر ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة ، فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ، وأثّر على وجه أبي بكر حتى لا يعرف أنفه من وجهه ، وجاء بنو تيم تتعادى ، فأجلوا المشركين عن أبي بكر ، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه ولا يشكون في موته ، ورجعوا بيوتهم و قالوا :( والله لئن مات أبو بكـر لنقتلـن عُتبة ).ورجعوا إلى أبي بكر وأخذوا يكلمونـه حتى أجابهم فتكلم آخر النهار فقال :( ما فعـل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟).فنالوه بألسنتهم وقاموا.

* أم الخير :
- ولمّا خلت أم الخير ( والـدة أبي بكر ) به جعـل يقول :( ما فعل رسول الله -صلـى اللـه عليه وسلم-؟).قالت :( والله ما لي علم بصاحبك ).قال :( فاذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه ).فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت :( إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ؟).قالت :( ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن تحبي أن أمضي معك إلى ابنك فعلت ؟).قالت :( نعم ).فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا ، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت :( إنّ قوما نالوا منك هذا لأهل فسق ؟! وإنّي لأرجو أن ينتقـم اللـه لك ).

- قال :( فما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟). قالت :( هذه أمك تسمع ؟).قال :( فلا عين عليك منها ).قالت :( سالم صالح ).قال :( فأين هو ؟).قالت :( في دار الأرقم ).قال :( فإن لله عليّ ألِيّة ألا أذوق طعاما أو شرابا أو آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ).فأمهَلَتا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس خرجتا به يتكىء عليهما حتى دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانكب عليه يقبله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ رسول الله فقال أبو بكر :( بأبي أنت وأمي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بَرّة بوالديها ، وأنت مبارك فادعها إلى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار ).فدعا لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم دعاها إلى الله عزّ وجل ، فأسلمت فأقاموا مع رسول الله في الدار شهراً ، وكان حمزة يوم ضُرِب أبو بكر قد أسلم.

* جهاده بماله :
- أنفق أبوبكر معظم ماله في شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من العذاب الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش ، فأعتق بلال بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة وأم عبيس فنزل فيه قوله تعالى :"( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ").

* منزلته من الرسول :
- كان - رضي الله عنه - من أقرب الناس إلى قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعظمهم منزلة عنده حتى قال فيه :( إن من أمَنِّ الناس علي في صحبته وماله أبوبكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الاسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدّ إلا باب أبي بكر ).
- كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن أبا بكر أرحم الأمة للأمة ، وأنه أول من يدخل معه الجنة فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي ).وأنه صاحبه على الحوض فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار ).
- كما أن أبو بكر الصديق هو والد أم المؤمنين عائشة لذا كان عظيـم الإفتخـار بقرابته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومصاهرته له وفي ذلك يقول :( والذي نفسي بيـده لقرابة رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- أحبُّ إليّ من أن أصل قرابتي ).

* الإسراء والمعراج :
- وحينما أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى بيت المقدس ذهب الناس إلى أبي بكر فقالوا له :( هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة !).فقال لهم أبو بكر :( إنكم تكذبون عليه ).فقالوا :( بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ) فقال أبو بكر :( والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجّبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ! فهذا أبعد مما تعجبون منه ).

- ثم أقبل حتى انتهى إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال :( يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟).قال :( نعم ).قال :( يا نبي الله فاصفه لي ، فإني قد جئته ).فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( فرفع لي حتى نظرت إليه).فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر :( صدقت ، أشهد أنك رسول الله ).حتى إذا انتهى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر :( وأنت يا أبا بكر الصديق ).فيومئذ سماه الصديق.

* الصحبة :
- ولقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة إلى المدينة المنورة فقال تعالى :"( ثاني اثنين إذ هما في الغار ، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا )".
- كان أبو بكر رجلا ذا مال ، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في الهجرة فقال له الرسول :( لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً ).فطمع بأن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما يعني نفسه حين قال له ذلك ، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك ، وفي يوم الهجرة ، أتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيت أبي بكر بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال :( ما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-هذه الساعة إلا لأمر حدث ).

- فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس عند أبي بكر إلا أسماء وعائشة ، فقال الرسول :( أخرج عني من عندك ).فقال أبو بكر :( يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي !).فقال :( إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة ).فقال أبو بكر :( الصُّحبة يا رسول الله ؟).قال :( الصُّحبة ).تقول السيدة عائشة :( فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ ).ثم قال أبو بكر :( يا نبيّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا ).فاستأجرا عبد الله بن أرْقَط ، وكان مشركاً يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانت عنده يرعاهما لميعادهما.

* أبواب الجنـة :
‏- عن أبا هريرة ‏قال :‏ ‏سمعت رسول الله ‏-صلى الله عليه وسلم- ‏‏يقول :(‏ ‏من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب‏ ‏-يعني الجنة- يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد ، دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان ).فقال أبو بكر ‏:( ‏ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ).وقال :( هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله ).قال :( نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا ‏‏أبا بكر ).

* مناقبه وكراماته :
- مناقب أبو بكر -رضي الله عنه- كثيرة ومتعددة فمن مناقبه السبق إلى أنواع الخيرات والعبادات حتى قال عمر بن الخطاب :( ما سبقت أبا بكر إلى خير إلاّ سبقني ).وكان أبو بكر الصديق يفهم إشارات الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي تخفى على غيره كحديث :( أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) ، ففهم أنه عليه الصلاة والسلام ينعي نفسه ، ومن ذلك أيضا فتواه في حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإقراره على ذلك.

- وهو أول خليفة في الإسلام ، وأول من جمع المصحـف الشريـف ، وأول من أقام للناس حجّهـم في حياة رسـول اللـه -صلى اللـه عليـه وسلم- وبعده.وكان في الجاهلية قد حرم على نفسه شرب الخمر ، وفي الإسلام امتنع عن قول الشعر.كما أنه -رضي الله عنه- لم يفته أي مشهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-.وقد قال له الرسول -صلى اللـه عليه وسلم- :( أنت عتيق الله من النار ) ، فسمّي عتيقاً.
- وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال :( كيف تفضِّلوني عليه ، وإنما أنا حسنة من حسناته !!).

- عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال : ‏كنت جالسا عند النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏إذ أقبل ‏‏أبو بكر‏ ‏آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم-:( ‏‏أما صاحبكم فقد ‏‏غامر ‏‏).فسلم وقال :( إني كان بيني وبين ‏‏ابن الخطاب ‏ ‏شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك ).فقال :( يغفر الله لك يا ‏أبا بكر ‏).‏ثلاثا ، ثم إن ‏عمر ‏ندم ، فأتى منزل ‏أبي بكر ‏، ‏فسأل :( أثم ‏أبو بكر ‏). فقالوا :( لا ).فأتى إلى النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏فسلم ، فجعل وجه النبي‏ -‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏يتمعر ، حتى أشفق ‏‏أبو بكر ،‏ ‏فجثا ‏‏على ركبتيه فقال :( يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين ).فقال النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم-:( ‏إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال ‏ أبو بكر‏ ‏صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي ).مرتين فما أوذي بعدها.

* خلافته :
- وفي أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصلي بالمسلمين ، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا فيها ولم يسع اليها ، إذ دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوجده يبكي ، فسأله عن ذلك فقال له :( يا عمر لا حاجة لي في امارتكم !!). فرد عليه عمر :( أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك) .

* جيش أسامة :
- وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد في سبعمائة إلى الشام ، فلمّا نزل بـذي خُشُـب -واد على مسيرة ليلة من المدينة- قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا :( يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء الى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟!).فقال :( والذي لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله ).فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا :( لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم ).فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام.

* حروب الردة :
- بعد وفـاة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة ، واختلـف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيـد ، قال عمر بن الخطاب :( كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ؟!).فقال أبو بكر :( الزكاة حقُّ المال ).وقال :( والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها ).ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل إلى رأيه ، ولم يمت حتى استقام الدين ، وانتهى أمر المرتدين.

* جيوش العراق والشام :
- ولمّا فرغ أبو بكر -رضي الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة إلى الشام وخالد بن الوليد إلى العراق ، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب ، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام.

* استخلاف عمر :
- لمّا أراد أبو بكر أن يستخلف عمر بن الخطاب بعث إليه وقال :( إني أدعوك إلى أمر متعب لمن وليه ،فاتق الله يا عمر بطاعته ، وأطعه بتقواه ، فإن المتقي آمن محفوظ ، ثم إن الأمر معروض لا يستوجبه إلا من عمل به ، فمن أمر بالحق وعمل بالباطل ، وأمر بالمعروف وعمل بالمنكر يوشك أن تنقطع أمنيتُهُ ، وأن يحبط عمله ، فإن أنت وليت عليهم أمرهم فإن استطعت أن تخفّ يدك من دمائهم ، وأن تصم بطنك من أموالهم ، وأن يخف لسانك عن أعراضهم ، فافعل ولا حول ولا قوة إلا بالله ).

* وفاته :
- ولد أبو بكر في مكة عام ( 51 قبل الهجرة ) ومات بالمدينة بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بسنتين وثلاثة أشهر وبضع ليال سنة ( 13 هـ ).ولمّا كان اليوم الذي قُبض فيه أبو بكر رجّت المدينة بالبكاء ، ودهش الناس كيوم قُبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وجاء علي بن أبي طالب باكيا مسرعا وهو يقول :( اليوم انقطعت خلافة النبوة).حتى وقف على البيت الذي فيه أبو بكر مسجّىً فقال :( رحمك الله يا أبا بكر ، كنت أول القوم إسلاما ، وأكملهم إيمانا ، وأخوفهم لله ، وأشدهم يقينا ، وأعظمهم عناءً ، وأحوطهم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأحدبهم على الإسلام ، وآمنهم على أصحابه ، وأحسنهم صُحْبة ، وأفضلهم مناقب ، وأكثرهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأشبههم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- به هدياً وخُلُقاً وسمتاً وفعلاً ).



حليمة السعدية



* مرضعة رسول الله صلى اللـه عليه وسلم:
- حليمة السعدية بنت أبي ذؤيب وهو عبد الله بن الحارث بن شجنة بن رزام بن ناضـرة بن سعد بن بكر بن هوازن ، وهي أم الرسـول صلى اللـه عليه وسلم من الرضاعـة.

* اليتيم:
- خرجت حليمة مع زوجها وابنها الصغير ( عبد الله بن الحارث بن عبد العزى ) ترضعه في نسوة من بني سعد ، تلتمس الرضعاء وذلك في سنة شهباء على حمارة ومعهم ناقة لا حليب فيها ، و كانوا يرجون الفرج ، فقدموا مكة ، فعُرِضَ الرسول صلى الله عليه وسلم على جميع النسوة فأبينه لأنه يتيم ووجدت كل واحدة منهن رضيعاً رجعت به إلا حليمة السعدية فقالت: ( والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعاً ، والله لأذهبنّ إلى ذلك اليتيم فلآخذنه ).. فقال لها زوجها: ( لا عليك أن تفعلي عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة ).

* النسمة المباركة:
- فذهبت حليمة السعدية وأخذت النبي صلى الله عليه وسلم لأنها لم تجد غيره ، ورجعت إلى رحلها ، فلما وضعته في حجرها أقبل عليه ثدياها بما شاء من لبن ، فشرب حتى روي ، وشرب معه أخوه حتى روي ثم ناما ، وقام زوجها إلى الناقة فإذا أنها لحافل ، فحلبها وشربا حتى شبعا وناما..
- لمّا أصبحا قال لها زوجها: ( تعلمي والله يا حليمة ، لقد أخذت نسمة مباركة ).. فقالت: ( والله إني لأرجو ذلك )..
- وكانت غنمها تروح عليها حين قدموا بالرسول صلى الله عليه وسلم معهم شباعاً لُبّناً ، فيحلبوا ويشربوا ، وما يحلب إنسان قطرة لبن ، ولا يجدها في ضرع ، حتى كان القوم يقولون لرعيانهم: ( ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب ).. فتروح أغنامهم جياعاً ما تبض بقطرة لبن ، وتروح أغنام حليمة شباعاً لُبّناً.

* الفصال:
- وبعد انتهاء السنتين وفصلة حليمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كان غلاماً جَفْراً ، فعادوا به إلى أمه وهم حريصين أشدّ الحرص على مُكثه فيهم ، فكلموا أمه وقالت حليمة: ( لو تركت بُنيّ عندي حتى يغلظ ، فإني أخشى عليه وبأ مكة )...ولم يزالوا بها حتى ردته معهم.

* شق الصدر:
- وبعد عودتهم به بأشهر كان النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيه خلف بيوتهم ، إذ أتى أخوه يشتد فقال لحليمة وزوجها: ( ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض ، فأضجعـاه فشقا بطنـه ، فهما يسوطانـه ).. فخرجا نحوه ، فوجدوه قائماً منتقعا وجهه ، فالتزماه وقالا له: ( مالك يا بني ؟).. قال: ( جاءني رجلان عليهما ثياب بيض ، فأضجعاني وشقا بطني فالتمسا فيه شيئاً لا أدري ما هو )..
- ورجعوا إلى خبائهم فقال الأب: ( يا حليمة ، لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب ، فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به )..
- وبالفعل قدموا على أمه آمنة بنت وهـب فعجِبَت من قدومهم لما عرفت من حرصهم على إبقائه معهم ، وألحـت عليهم حتى عرفت السبـب فقالت لحليمة: ( أفتخوفت عليه الشيطان ؟ ).. قالت: ( نعم ).. قالت آمنة: ( كلا ، واللـه ما للشيطان عليه من سبـيل ، وإن لبُنَـيَّ لشأنـاً ، أفلا أخبرك خبـره ؟ ).. قالت حليمة: ( بلى ).. قالت: ( رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى من أرض الشام ، ثم حملت به فوالله ما رأيت من حَمْل قط كان أخف علي ولا أيسر منه ، ووقع حين ولدته وإنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء ، دعيه عنك وانطلقي راشدة ).

* البدوية:
- كان الرسول صلى الله عليه وسلم بالجعرانة يقسم لحماً ، فأقبلت امرأة بدوية ، فلمّا دَنَتْ من النبي صلى الله عليه وسلم بسطَ لها رداءه فجلست عليه فقيل :( من هذه ؟! )...فقالوا: ( هذه أمُّهُ التي أرضعتْهُ ).



بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم



رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها


* هي رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمها خديجة بنت خويلد ، ولِدَت بعد زينب ، أسلمت مع أمها وأخواتها ، هاجرت الهجرتين إلى الحبشة أولاً ثم إلى المدينة ثانية.

* زواجها الأول:
- تزوجها عُتبة بن أبي لهب بعد البعثة فلمّا نزلت الآية الكريمة قال تعالى: ( تبتْ يَدا أبي لهبِّ وتبّ..)... قال أبوه: ( رأسي من رأسك حرام ، إن لم تُطلِّق بنته )... وقد سأله الرسول صلى الله عليه وسلم أن يطلقها ، وأيضاً رقية سألته ذلك ، ففعل وفارقها قبل الدخول.

* زواجها من عثمان:
- تزوّجها عثمان بن عفان رضي الله عنه وولدت له عبد الله ، وبه كان يُكنّى ، وبلغ ست سنين ثم توفيَ.

* الهجرتين:
- عندما أذن الله للمسلمين بالهجرة إلى الحبشة ، هاجرت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجها عثمان بن عفان إلى الحبشة ، وبعدها هاجروا إلى المدينة مع المسلمين.

* وفاتها:
- توفيت رضي الله عنها ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر ، فقد أصابتها الحصبة ، وأذن الرسول الكريم لعثمان بالتخلف عن بدر من أجلها ، ودفنت عند دور زيد ، فبينما هم يدفنونها سمع الناس التكبير ، فقال عثمان: ( ما هذا التكبير ؟ ) فنظروا فإذا زيد بن حارثة على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجدعاء بشيراً بقتلى بدرٍ والغنيمة.



خديجة بنت خويلد



أم المؤمنين

قال صلى الله عليه وسلم : ( لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم على نساء العالمين ).

- كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها بأحسن الثناء قالت فغرت يوما فقلت ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيرا منها قال : ( ما أبدلني الله خيرا منها وقد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبنني وآستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء أيضا ) .

- هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة.

* بداية التعارف :

- كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها إلى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج في مالها حتى قَدِم الشام..

- وفي الطريق نزل الرسول صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة :( من هذا الرجل ؟)... فأجابه :( رجل من قريش من أهل الحرم )...فقال الراهب :( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )..

- ثم وصلا الشام وباع الرسول صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً إلى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه صلى الله عليه وسلم من الشمس وهو يسير على بعيره...ولمّا قدم صلى الله عليه وسلم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف.

* الخطبة و الزواج :

- وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد صلى الله عليه وسلم فبعثت إلى رسول الله وقالت له :( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك )...ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له : ( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك )...ووصل الخبر إلى عم السيدة خديجة ، فأرسل إلى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة خديجة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول صلى الله عليه وسلم عمّه أبو طالب..

- وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال : ( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )..

- ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا : ( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )..

- كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال : ( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد ) .. وشهـد على ذلك صناديـد قريـش.

* الذرية الصالحة :

- قال ابن هشام: فأصدقها عشرين بكرة، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
- وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله صلى الله عليه و سلم خمس وعشرون سنة.

- تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم - وبه كان يكنى - ، والطاهر والطيب - لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام...فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم .

* إسلام خديجة :

- وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم فآمنت به خديجة ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدق بما جاء منه ، فخفف الله بذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، الا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب -اللؤلؤ المنحوت- ، لا صخب فيه ولا نصب ).

* فضل خديجة :

- جاء جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الله يقرأ على خديجة السلام ) فقالت :( إن الله هو السلام ، وعلى جبريل السلام ، وعليك السلام ورحمة الله ). الصحيح المسند .

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير نسائها مريم ابنة عمران ، وخير نسائها خديجة ). صحيح البخاري .

* عام المقاطعة :

- ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبد المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة إلى شعابها ، لم تتردد السيدة خديجة في الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها...وعلى الرغم من تقدمها بالسن ، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عاد إليها صباها ، وأقامت قي الشعاب ثلاث سنين ، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى.

* عام الحزن :

- وفي العام العاشر من البعثة النبوية وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها ، التي كانت للرسول صلى الله عليه وسلم وزير صدق على الإسلام ، يشكـو إليها ، وفي نفس العام توفـي عـم الرسول صلى الله عليه وسلم أبو طالب ، لهذا كان الرسـول صلى اللـه عليه وسلم يسمي هذا العام بعام الحزن.

* الوفاء :

- قد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة ما لم يثن على غيرها ، فتقول السيدة عائشة : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة ، فقلت : ( هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها )...فغضب ثم قال :( لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس ، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء )...قالت عائشة :( فقلتْ في نفسي : لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً ).



الإمام الشافعي


* هو أبو عبدالله محمد بن أدريس بن العباس بن عثمان بن بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد بن يزيد بن هاشم بن عبدالمطلب.
- ولد بغزة في فلسطين على الأصح وفي رواية بعسقلان ، وفي أخرى باليمن عام 150 هـ لذلك فهو مولود في بلد غريب بعيد عن موطن قومه بمكة والحجاز ، توفي أبوه قبل أن يعرفه محمد ، وتركه لأمه ، وكانت إمرأة من الأزد ، فبدأ الإمام رضي الله عنه حياته وحليفاه اليتم والفقر ، ورأت الأم أن تنتقل بولدها إلى مكة ، فانتقلت به وهو صغير لايجاوز السنتين . قال الشافعي رضي الله عنه : ولدت بغزة سنة خمسين ومائة - يوم وفاة أبي حنيفة - فقال الناس: مات إمام وولد إمام ، وحملت إلى مكة وأنا إبن سنتين.

* دراسته وتعلمه:
- في مكة المكرمة حفظ القرآن وهو حدث ، ثم أخذ يطلب اللغة والأدب والشعر حتى برع في ذلك كله.
قال إسماعيل بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: حفظت القرآن وأنا إبن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا إبن عشر سنين.
ثم رحل من مكة إلى بني هذيل وبق يفيهم سبعة عشر سنة، وكانوا أفصح العرب ، فأخذ عنهم فصاحة اللغة وقوتها ، ثم إنصرفت همته لطلب الحديث والفقه من شيوخهما ، فحفظ الموطأ وقابل الإمام مالك فأعجب به وبقراءته, وقال له: يابن أخي تفقه تعل.
وقال له أيضا: يا محمد إتق الله فسيكون لك شأن.

* رحلاته رضي الله عنه:
- رحل الإمام الشافعي رحلات كثيرة كان لها أكبر الأثر في علمه ومعرفته، فقد رحل من مكة إلى بني هذيل ، ثم عاد إلى مكة ، ومنها رحل للمدينة ، ليلقى فيها إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه ، وبعد وفاة الإمام مالك رضي الله عنه، رحل إلى بغداد ، ثم عاد إلى مكة ، ثم رجع إلى بغداد ، ومنها خرج إلى مصر.
- يقول إبن خلكان:
" وحديث رحلته إلى الإمام مالك مشهور ، فلاحاجة إلى التطويل فيه ، وقدم بغداد سنة 195هـ ، فأقام فيها سنتين، ثم خرج إلى مكة ، ثم عاد إلى بغداد سنة 198هـ فأقام شهرا، ثم خرج إلى مصر، وكان وصوله إليها في سنة 199هـ وقيل سنة 201هـ ، ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة204هـ".

* جمعه لشتى العلوم:
- حدث الربيع بن سليمان قال:
كان الشافعي رحمه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح ، فيجيئه أهل القرآن فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه ، فإذا إرتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر ، فإذا إرتفع الضحى تفرقوا ، وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر فلا يزالون إلى قرب إنتصاف النهار ، ثم ينصرف ، رضي الله عنه.
- وحدث محمد بن عبدالحكم قال:
ما رأيت مثل الشافعي ، كان أصحاب الحديث يجيئون إليه ويعرضون عليه غوامض علم الحديث ، وكان يوقفهم على أسرار لم يقفوا عليها فيقومون وهم متعجبون منه، وأصحاب الفقه الموافقون والمخالفون لايقومون إلا وهم مذعنون له ، وأصحاب الأدب يعرضون عليه الشعر فيبين لهم معانيه. وكان يحفظ عشرة آلاف بيت لهذيل إعرابها ومعانيها، وكان من أعرف الناس بالتواريخ، وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله تعالى.
- قال مصعب بن عبدالله الزبيري:
"ما رايت أعلم بأيام الناس من الشافعي".
- وروي عن مسلم بن خالد أنه قال لمحمد بن إدريس الشافعي وهو إبن ثمان عشرة سنة:
" أفت أبا عبدالله فقد آن لك أن تفتي ".
- وقال الحميدي:
كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي فلم نحسن كيف نرد عليهم، حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا.

* تواضعه وورعه وعبادته:
- كان الشافعي رضي الله عنه مشهورا بتواضعه وخضوعه للحق ، تشهد له بذلك مناظراته ودروسه ومعاشرته لأقرانه ولتلاميذه وللناس .
- قال الحسن بن عبدالعزيز الجروي المصري:
قال الشافعي: ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ ، وما في قلبي من علم ، إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب لي.
- قال حرملة بن يحيى:
قال الشافعي: كل ما قلت لكم فلم تشهد عليه عقولكم وتقبله وتره حقا فلا تقبلوه ، فإن العقل مضطر إلى قبول الحق.
- قال الشافعي رضي الله عنه:
والله ما ناظرت أحدا إلا على النصيحة.
وقال أيضا:
ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلهما إلا هبته و إعتقدت مودته، ولا كابرني على الحق أحد ودافع الحجة إلا سقط من عيني.
وقال:
أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف.
- وأما ورعه وعبادته فقد شهد له بهما كل من عاشره استاذا كان أو تلميذا ، أو جار ،أو صديقا.
- قال الربيع بن سليمان:
كان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين مرة كل ذلك في صلاة.
وقال أيضا:
قال الشافعي: والله ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعة طرحتها لأن الشبع يثقل البدن ، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.
وقال: كان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب ، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام.

* فصاحته وشعره وشهادة العلماء له:
- لقد كان الشافعي رضي الله عنه فصيح اللسان بليغا حجة في لغة العرب ونحوهم، إشتغل بالعربية عشرين سنة مع بلاغته وفصاحته، ومع أنه عربي اللسان والدار والعصر وعاش فترة من الزمن في بني هذيل فكان لذلك أثره الواضح على فصاحته وتضلعه في اللغة والأدب والنحو، إضافة إلى دراسته المتواصلة و إطلاعه الواسع حتى أضحى يرجع إليه في اللغة والنحو.
- قال أبو عبيد: كان الشافعي ممن تؤخذ عنه اللغة .
- وقال أيوب بن سويد: خذوا عن الشافع اللغة.
- قال الأصمعي: صححت أشعار الهذليين على شاب من قريش بمكة يقال له محمد بن أدريس.
- قال أحمد بن حنبل: كان الشافعي من أفصح الناس ، وكان مالك تعجبه قراءته لأنه كان فصيحا.
- وقال أحمد بن حنبل: ما مس أحد محبرة ولا قلما إلا وللشافعي في عنقه منة.
- حدث أبو نعيم الاستراباذي، سمعت الربيع يقول: لو رأيت الشافعي وحسن بيانه وفصاحته لعجبت منه ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته - التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة - لم يقدر على قراءة كتبة لفصاحته وغرائب ألفاظه غير أنه كان في تأليفه يجتهد في أن يوضح للعوام.

* سخاؤه:
- أما سخاؤه رحمه الله فقد بلغ فيه غاية جعلته علما عليه، لا يستطيع أحد أن يتشكك فيه أو ينكره ، وكثرة أقوال من خالطه في الحديث عن سخائه وكرمه.
- وحدث محمد بن عبدالله المصري، قال: كان الشافعي أسخى الناس بما يجد.
- قال عمرو بن سواد السرجي: كان الشافعي أسخى الناس عن الدنيا والدرهم والطعام، فقال لي الشافعي : ألإلست في عمري ثلاث إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري، حتى خلي ابنتي وزوجتي ولم أرهن قط .
- قال الربيع: كان الشافعي إذا سأله إنسان يحمارّ وجهه حياء من السائل، ويبادر بإعطائه.

* وفاته رحمه الله:
- قال الربيع بن سليمان:
توفي الشافعي ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة - بعد ما حل المغرب - آخر يوم من رجب ودفناه يوم الجمعة فانصرفنا فرأينا هلال شعبان سنة أربع ومائتين.
- قال إبن خلكان صاحب وفيات الأعيان:
وقد أجمع العلماء قاطبة من أهل الحديث والفقه والأصول واللغة و النحو وغير ذلك على ثقته وأمانته وعدله وزهده وورعه وحسن سيرته وعلو قدره وسخائه.
- ومن أروع مارثي به من الشعر قصيدة طويلة لمحمد بن دريد يقول في مطلعها:

ألم تر آثار ابن إدريس بعده دلائلها في المشكلات لوامع




الإمام ابن القيم رحمه الله


بسم الله الرحمن الرحيم

* اسمه ونسبه :
- أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز بن مكي زيد الدين الزُّرعي ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قيم الجوزية .
- واشتهر رحمه الله بإبن قيم الجوزية .
- وقيم الجوزية هو والده رحمه الله فقد كان قيما على المدرسة الجوزية بدمشق مدة من الزمن ، واشتهر به ذريته وحفدتهم من بعد ذلك ، وقد شاركه بعض أهل العلم بهذه التسمية .
- وتقع هذه المدرسة بالبزورية المسمى قديما سوق القمح ، وقد اختلس جيرانها معظمها وبقي منها الآن بقية ثم صارت محكمة إلى سنة 1372هـ .

* مولده ونشأته :
- ولد في اليوم السابع من شهر صفر لعام 691هـ . قيل أنه ولد في زرع وقيل في دمشق .

* عبادته وزهده :
- قال ابن رجب رحمه الله : وكان رحمه الله تعالى ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى ، وتأله ولهج بالذكر وشغف بالمحبة ، والإنابة والاستغفار والافتقار إلى الله والانكسار له ، والإطراح بين يديه وعلى عتبة عبوديته ، لم أشاهد مثله في ذلك ولا رأيت أوسع منه علماً ، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه ، وليس بمعصوم ، ولكن لم أر في معناه مثله . وقد امتحن وأوذي مرات ، وحبس مع الشيخ تقي الدين في المرة الأخيرة بالقلعة منفردا عنه ولم يخرج إلا بعد موت الشيخ . وكان في مدة حبسه منشغلا بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر ففتح عليه من ذلك خير كثير وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة ، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف والدخول في غوامضهم وتصانيفه ممتلئة بذلك .

- وقال ابن كثير رحمه الله : ( لا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه ، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدا ، ويمد ركوعها وسجودها ، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك رحمه الله تعالى ) .

* أعماله رحمه الله :
1- الإمامة بالجوزية .
2- التدريس بالصدرية ، وأماكن أخرى .
3- التصدي للفتوى .
4- التأليف .

* فتاوى امتحن بسببها :
- مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد .
- فتواه بجواز المسابقة بغير محلل : وذكر ابن حجر رحمه الله أنه رجع عن هذه الفتوى ، وما ثمة دليل على الرجوع ، والله أعلم بالصواب ، وقوله هو الصواب الموافق للدليل .
- إنكاره شد الرحال إلى قبر الخليل .
- مسألة الشفاعة والتوسل بالأنبياء .
- فرحمه الله تعالى وهذا هو طريق الأنبياء والمرسلين ، فمن ابتلى في الله علم أنه على طريق إمام الموحدين الخليل إبراهيم ومن بعده سيد ولد آدم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ .

* اتصاله بشيخ الإسلام رحمهما الله وغفر لهما :
- اتفقت كلمة المؤرخين على أن تاريخ اللقاء كان منذ سنة 712هـ وهي السنة التي التي عاد فيها شيخ الإسلام رحمه الله من مصر إلى دمشق واستقر فيها إلى أن مات ـ رحمه الله ـ سنة 728هـ .
وقد تاب رحمه الله على يد شيخ الإسلام رحمه الله قال :
يـا قـوم والله الـعظيم نـصيحة مــن مـشفق وأخ لـكم مـعوان
جـربت هـذا كـله ووقـعت في تـلك الـشباك وكنت ذا طيران
حـتى أتـاح لـي الإلـه بـفضله مـن ليس تجزيه يدى ولساني
بفتى أتى من أرض حران فيا أهـلا بـمن قـد جاء من حران
فالله يـجـزيه الــذي هـو أهـله من جنة المأوى مع الرضوان
أخذت يداه يدي وسار فلم يرم حـتـى أرانــي مـطلع الإيـمان
ورأيـت أعـلام الـمدينة حولها نـزل الـهدى وعـساكر القرآن
ورأيــت آثـارا عـظيما شـأنها مـحجوبة عـن زمـرة الـعميان

* مشايخه :
- له عدد كبير من المشايخ جمعهم معالي الشيخ بكر أبو زيد وفقه الله لكل خير وبر وذكر منهم خمسة وعشرين ونذكر بعضهم :
1- قيم الجوزية : والده رحمه الله .
2- شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
3- ابن عبدالدائم : أحمد بن عبدالدائم بن نعمة المقدسي مسند وقته رحمه الله .
4- أحمد بن عبدالرحمن بن عبدالمنعم بن نعمة النابلسي رحمه الله .
5- ابن الشيرازي : ذكر في مشيخة ابن القيم ولم يذكر نسبه فاختلف فيه .
6- المجد الحراني : إسماعيل مجد الدين بن محمد الفراء شيخ الحنابلة رحمه الله .
7- ابن مكتوم : إسماعيل الملقب بصدر الدين والمكنى بأبي الفداء بن يوسف بن مكتوم القيسي رحمه الله .
8- الكحال : أيوب زين الدين بن نعمة النابلسي الكحال رحمه الله .
9- الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله .
10- الحاكم : سليمان تقي الدين أبو الفضل بن حمزة بن أحمد بن قدامة المقدسي مسند الشام وكبير قضاتها رحمه الله .
11- شرف الدين ابن تيمية : عبدالله أبو محمد بن عبدالحليم بن تيمية النميري أخو شيخ الإسلام رحمهما الله .
12- بنت الجوهر : فاطمة أم محمد بنت الشيخ إبراهيم بن محمود بن جوهر البطائحي البعلي ، المسندة المحدثة رحمها الله .

* طلابه :
- وتلاميذه كثر ذكر منهم الشيخ بكر احدى عشر ونذكر بعضهم :
1- البرهان بن قيم الجوزية : ابنه برهان الدين إبراهيم رحمهما الله .
2- الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله .
3- الإمام ابن رجب رحمه الله .
4- السبكي : علي بن عبدالكافي بن علي بن تمام السبكي رحمه الله .
5- الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله .
6- الحافظ ابن عبدالهادي : محمد بن أحمد بن عبدالهادي بن قدامة المقدسي رحمه الله .
7- الفيروزآبادي : محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزآبادي صاحب القاموس رحمه الله .

* مؤلفاته رحمه الله ونذكر منها :
- بلغ بها معالي الشيخ بكر أبو زيد 98 مؤلفا ومنها :
1- الصواعق المرسلة .
2- زاد المعاد .
3- مفتاح دار السعادة .
4- مدارج السالكين .
5- الكافية الشافية في النحو .
6- الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية .
7- الكلم الطيب والعمل الصالح .
8- الكلام على مسألة السماع .
9- هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى .
10- المنار المنيف في الصحيح والضعيف.
11- معالم الموقعين عن رب العالمين .
12- الفروسية .
13- طريق الهجرتين وباب السعادتين .
14- الطرق الحكمية .

* وفاته :
- توفي رحمه الله في ليلة الخميس 13/7/751هـ وقت أذان العشاء وبه كمل من العمر ستون سنة .
- وصلي عليه في الجامع الأموي ثم بجامع جراح وقد ازدحم الناس للصلاة عليه .

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا



العلامة عبدالقادر الأرناؤوط




العلامة المحقق عبد القادر الأرناؤوط

* الاسم الحقيقي للشيخ رحمه الله هو ' قَري بن صوقل بن عبدول بن سنان '، واشتهر بالأرناؤوط وهو اللقب الذي أطلقه الأتراك على كل ألباني، حيث ولد في قرية فريلا في إقليم كوسوفا ( 1347هـ - 1928م ) .

- و قد هاجر والد الشيخ عام ( 1353هـ - 1932م ) إلى دمشق بصحبة عائلته وكان عمر الشيخ الأرناؤوط آنذاك 3 سنوات، وكان ذلك جراء اضطهاد الصرب لمسلمي ألبانيا.

- والشيخ ـ رحمه الله ـ لم يعتمد منهج التأليف، ولكنه اعتمد التحقيق منهجاً له، حيث يقول حول ذلك: ' ذلك لأن المؤلفات كثيرة، والتحقيق أولى، وذلك حتى نقدم الكتاب إلى طالب العلم محققا ومصحّحا حتى يستفيد منه ' .

* من أشهر تلك الكتب:
- زاد المسير في علم التفسير، لابن الجوزي في 9 مجلدات، والمبدع في شرح المقنع، لابن مفلح في 8 مجلدات، وروضة الطالبين، للنووي في 12 مجلدا، وجامع الأصول من أحاديث الرسول، لابن الأثير الجزري...، وغيرها الكثير من الكتب الهامة في المكتبة الإسلامية.

* وفاته:
- توفي العالم الكبير الشيخ 'عبد القادر الأرناؤوط' فجر يوم الجمعة 14شوال 1425هـ - 26نوفمبر 2004م عن 76 عامًا إثر نوبة قلبية، وأديت الصلاة عليه في جامع زين العابدين بحي الميدان في العاصمة السورية دمشق بعد صلاة الجمعة.
- وبرحيل الشيخ الجليل يفقد العالم الإسلامي عالمًا كبيرًا أثرى الفكر الإسلامي والمكتبة الإسلامية بالعديد من الكتب التي تعتبر من أساسيات طلب العلم الشرعي .
- ويشار إلى أن الشيخ الأرناؤوط رحمه الله كان قد برز في عدد من علوم الشريعة الإسلامية لا سيما علم الحديث النبوي الشريف، وقد عمل مدرساً لعلوم القرآن والحديث بين عامي ( 1952م – 1959م ) في مدرسة «الإسعاف الخيري» بدمشق التي درس فيها.

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه في قبره روضة من رياض الجنة
وجمعنا به في فردوس الجنة
اللهم أمين.




العلامة بن باز - رحمه الله تعالى



نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية
لفضيلة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى

* مولده:
- ولد في ذي الحجة سنة 1335 هـ بمدينة الرياض, وكان بصيرا, ثم أصابه مرض في عينيه عام 1346 هـ وضعف بصره, ثم فقده عام 1355 هـ.

* طلبه للعلم :
- حفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ, ثم جد في طلب العلم على العلماء في الرياض, ولما برز في العلوم الشرعية واللغة عين في القضاء عام 1357 هـ, ولم ينقطع عن طلب العلم حتى اليوم, حيث لازم البحث والتدريس ليل نهار, ولم تشغله المناصب عن ذلك مما جعله يزداد بصيرة ورسوخا في كثير من العلوم, وقد عني عناية خاصة بالحديث وعلومه حتى أصبح حكمه على الحديث من حيث الصحة والضعف محل اعتبار, وهي درجة قل أن يبلغها أحد, خاصة في هذا العصر, وظهر أثر ذلك على كتاباته وفتواه حيث كان يتخير من الأقوال ما يسنده الدليل.

* مشائخه:
- تلقى العلم على أيدي كثير من العلماء, ومن أبرزهم:
1- الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( قاضي الرياض ).
2- الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
3- الشيخ سعد بن حمد بن عتيق ( قاضي الرياض ).
4- الشيخ حمد بن فارس ( وكيل بيت المال في الرياض ).
5- سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ ( مفتي المملكة العربية السعودية ) وقد لازم حلقاته نحوا من عشر سنوات, وتلقى عنه جميع العلوم الشرعية ابتداء من سنة 1347 هـ إلى سنة 1357 هـ.
6- الشيخ سعد وقاص البخاري ( من علماء مكة المكرمة ) أخذ عنه علم التجويد في عام 1355 هـ.

* آثاره:
- منذ تولى القضاء في مدينة الخرج عام 1357 هـ وهو ملازم للتدريس في حلقات منتظمة إلى يومنا هذا, ففي الخرج كانت حلقاته مستمرة أيام الأسبوع عدا يومي الثلاثاء والجمعة, ولديه طلاب متفرغون لطلب العلم من أبرزهم :
1- الشيخ عبد الله الكنهل.
2- الشيخ راشد بن صالح الخنين.
3- الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك.
4- الشيخ عبد اللطيف بن شديد.
5- الشيخ عبد الله بن حسن بن قعود.
6- الشيخ عبد الرحمن بن جلال.
7- الشيخ صالح بن هليل. وغيرهم.

- في عام 1372 هـ انتقل إلى الرياض للتدريس في معهد الرياض العلمي, ثم في كلية الشريعة بعد إنشائها سنة 1373 هـ في علوم الفقه والحديث والتوحيد, إلى أن نقل نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1381 هـ, وقد أسس حلقة التدريس في الجامع الكبير بالرياض منذ انتقل إليها, ولا زالت هذه الحلقة مستمرة إلى يومنا هذا, وإن كانت في السنوات الأخيرة اقتصرت على بعض أيام الأسبوع بسبب كثرة الأعمال, ولازمها كثير من طلبة العلم, وأثناء وجوده بالمدينة المنورة من عام 1381 هـ نائبا لرئيس الجامعة ورئيسا لها من عام 1390 هـ إلى 1395 هـ عقد حلقة للتدريس في المسجد النبوي, ومن الملاحظ أنه إذا انتقل إلى غير مقر إقامته استمرت إقامة الحلقة في المكان الذي ينتقل إليه مثل الطائف أيام الصيف, وقد نفع الله بهذه الحلقات.

* مؤلفاته:
1- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة, صدر منه الآن ثلاثة أجزاء وقت تحرير هذه النبذة .
2- الفوائد الجلية في المباحث الفرضية.
3- التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة ( توضيح المناسك ).
4- التحذير من البدع, ويشتمل على أربع مقالات مفيدة: ( حكم الاحتفال بالمولد النبوي, وليلة الإسراء والمعارج, وليلة النصف من شعبان, وتكذيب الرؤيا المزعومة من خادم الحجرة النبوية المسمى: الشيخ أحمد ).
5- رسالتان موجزتان في الزكاة والصيام.
6- العقيدة الصحيحة وما يضادها.
7- وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها.
8- الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة.
9- وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه.
10- حكم السفور والحجاب ونكاح الشغار.
11- نقد القومية العربية.
12- الجواب المفيد في حكم التصوير.
13- الشيخ محمد بن عبد الوهاب, دعوته وسيرته.
14- ثلاث رسائل في الصلاة:
- كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم .
- وجوب أداء الصلاة في جماعة.
- أين يضع المصلي يديه حين الرفع من الركوع؟
15- حكم الإسلام فيمن طعن في القرآن أو في رسول الله صلى الله عليه وسلم .
16- حاشية مفيدة على فتح الباري, وصل فيها إلى كتاب الحج.
17- رسالة الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب.
18- إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين.
19- الجهاد في سبيل الله.
20- الدروس المهمة لعامة الأمة.
21- فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة.
22- وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة.
23- تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة من الأدعية والأذكار.

* هذا ما تم طبعه, ويوجد له تعليقات على بعض الكتب مثل: بلوغ المرام, تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر ( لم تطبع ), التحفة الكريمة في بيان كثير من الأحاديث الموضوعة والسقيمة, تحفة أهل العلم والإيمان بمختارات من الأحاديث الصحيحة والحسان, إلى غير ذلك.

* الأعمال التي يزاولها غير ما ذكر:
1- صدر الأمر الملكي بتعيينه رئيسا لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ,ثم مفتيا عاما للملكة ورئيسا لهيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء.
2- رئيسا للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء التي أصدرت هذه الفتاوى.
3- رئيسا وعضوا للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي.
4- رئيسا للمجلس الأعلى العالمي للمساجد.
5- رئيسا للمجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي.
6- عضوا للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
7- عضوا في الهيئة العليا للدعوة الإسلامية.

- ولم يقتصر نشاطه على ما ذكر فقد كان يلقي المحاضرات ويحضر الندوات العلمية ويعلق عليها ويعمر المجالس الخاصة والعامة التي يحضرها بالقراءة والتعليق بالإضافة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أصبح صفة ملازمة له. نفعنا الله بعلمه ووفقه لمزيد العلم النافع والعمل الصالح.



أم حبيبة بنت أبي سفيان



* قد كـان يكـون بيننـا ما يكـون بيـن الضرائر ، فتحلَّليني من ذلك .. أم حبيبة .
* هي رملـة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وُلِدَت قبل البعثة بسبعـة عشر عاماً ، أسلمت قديماً وهاجرت إلى الحبشة مع عبيد الله بن جحش ، تُكنّى أم حبيبة ، تزوّجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي في الحبشة ، وقدمت عليه سنة سبع.

* الهجرة والمحنة :
- لمّا اشتد الأذى من المشركين على الصحابة في مكة ، وأذن الرسول صلى الله عليه وسلم للمستضعفين بالهجرة بدينهم إلى الحبشة ، هاجرت أم حبيبة مع زوجها عُبيد الله بن جحش معَ من هاجر من الصحابة إلى الحبشة ، لقد تحمّلت أم حبيبة أذى قومها ، وهجر أهلها ، والغربة عن وطنها وديارها من أجل دينها وإسلامها .. وبعد أن استقرت في الحبشة جاءتها محنة أشد وأقوى ، فقد ارتـد زوجها عن الإسـلام وتنصّر ، تقول أم حبيبـة رضي الله عنها :( رأيت في المنام كأن زوجي عُبيد الله بن جحش بأسود صورة ففزعت ، فأصبحت فإذا به قد تنصّر ، فأخبرته بالمنام فلم يحفل به ، وأكبّ على الخمر حتى مات ..
* الزواج المبارك :
- فأتاني آت في نومي فقال :( يا أم المؤمنين ) .. ففزعت ، فما هو إلا أن انقضتْ عدّتي ، فما شعرت إلا برسول النجاشي يستأذن ، فإذا هي جارية يُقال لها أبرهة ، فقالت :( إن الملك يقولُ لك : وكّلي مَنْ يُزوِّجك ) ..فأرسلت إلى خالـد بن سعيـد بن العـاص بن أمية فوكّلته ، فأعطيتُ أبرهة سِوارين من فضّة ) ..
- فلمّا كان العشيّ أمرَ النجاشي جعفـر بن أبي طالـب ومَنْ هناك من المسلميـن فحضروا ، فخطب النجاشي فحمد اللـه تعالى وأثنى عليه وتشهـد ثم قال :( أما بعد ، فإن رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم كتب إليّ أن أزوّجه أم حبيبة ، فأجبت وقد أصدقتُها عنه أربعمائة دينار ) .. ثم سكب الدنانير ، ثم خطب خالـد بن سعيـد فقال :( قد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم وزوّجته أم حبيبة ) .. وقبض الدنانير ، وعمل لهم النجاشي طعاماً فأكلوا ..
- تقول أم حبيبة رضي الله عنها :( فلمّا وصل إليّ المال ، أعطيتُ أبرهة منه خمسين ديناراً ، فردتّها عليّ وقالت :( إن الملك عزم عليّ بذلك ) .. وردّت عليّ ما كنتُ أعطيتُها أوّلاً .. ثم جاءتني من الغَد بعودٍ ووَرْسٍ وعنبر ، وزبادٍ كثير -أي طيب كثير- ، فقدمتُ به معي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
- ولمّا بلغ أبا سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم نكح ابنته قال :( هو الفحلُ لا يُجْدَعُ أنفُهُ ) .. أي إنه الكُفء الكريم الذي لا يُعاب ولا يُردّ ..

* عودة المهاجرة :
- لقد كانت عـودة المهاجـرة ( أم حبيبة ) عقب فتح النبـي صلى اللـه عليه وسلم خيبر ، عادت مع جعفر بن أبي طالب ومن معه من المهاجرين إلى الحبشة ، وقد سُرَّ الرسـول صلى الله عليه وسلـم أيّما سرور لمجـيء هؤلاء الصحابـة بعد غياب طويل ، ومعهم الزوجة الصابرة الطاهرة .. وقد قال الرسـول صلى اللـه عليه وسلم :( والله ما أدري بأيّهما أفرحُ ؟ بفتح خيبر ؟ أم بقدوم جعفر ). صحيح الألباني.

* الزفاف المبارك :
- وما أن وصلت أم حبيبة رضي الله عنها إلى المدينة ، حتى استقبلها الرسول صلى الله عليه وسلم بالسرور والبهجة ، وأنزلها إحدى حجراته بجوار زوجاته الأخريات ، واحتفلت نساء المدينة بدخول أم حبيبة بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن يحملن لها التحيات والتبريكات ، وقد أولم خالها عثمان بن عفان وليمة حافلة ، نحر فيها الذبائح وأطعم الناس اللحم ..
- واستقبلت أمهات المؤمنين هذه الشريكة الكريمة بالإكرام والترحاب ، ومن بينهن العروس الجديدة ( صفية ) التي لم يمض على عرسها سوى أيام معدودات ، وقد أبدت السيدة عائشة استعدادا لقبول الزوجة الجديدة التي لم تُثر فيها حفيظة الغيرة حين رأتها وقد قاربت سن الأربعين ، وعاشت أم حبيبة بجوار صواحبها الضرائر مع الرسول صلى الله عليه وسلم بكل أمان وسعادة ..

* أبو سفيان في بيت أم حبيبة :
- لقد حضر أبو سفيان ( والد أم حبيبة ) المدينة يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يمد في أجل الهدنة التي تمّ المصالحة عليها في الحديبية ، فيأبى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الطلب ..
- فأراد أبو سفيان أن يستعين على تحقيق مراده بابنته ( زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم ) فدخل دار أم حبيبة ، وفوجئت به يدخل بيتها ، ولم تكن قد رأته منذ هاجرت إلى الحبشة ، فلاقته بالحيرة لا تدري أتردُّه لكونه مشركاً ؟ أم تستقبله لكونه أباهـا ؟ .. وأدرك أبو سفيان ما تعانيـه ابنته ، فأعفاها من أن تأذن له بالجلـوس ، وتقدّم من تلقاء نفسه ليجلس على فراش الرسـول صلى الله عليه وسلم، فما راعه إلا وابنته تجذب الفراش لئلا يجلس عليه ، فسألها بدهشة فقال: ( يا بُنيّة ! أرغبتِ بهذا الفراش عني ؟ أم بي عنه؟ ) .. فقالت أم حبيبة :( بلْ هو فراشُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت امرءٌ نجسٌ مشركٌ ) .. فقال: ( يا بُنيّة ، لقد أصابك بعدي شرٌّ ) .. ويخرج من بيتها خائب الرجاء ..

* إسلام أبو سفيان :
- وبعد فتح مكة أسلم أبو سفيان ، وأكرمه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن ) .. ووصل هذا الحدث المبارك إلى أم المؤمنين ( أم حبيبة ) ففرحت بذلك فرحاً شديداً ، وشكرت الله تعالى أن حقَّق لها أمنيتها ورجاءَها في إسلام أبيها وقومها ..

* وفاتها :
- وقبل وفاتها رضي الله عنها أرسلت في طلب السيدة عائشة وقالت: ( قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر ، فتحلَّليني من ذلك ) .. فحلّلتها واستغفرت لها ، فقالت: ( سررتني سرّك الله ) .. وأرسلت بمثل ذلك إلى باقي الضرائر .. وتوفيت أم حبيبة رضي الله عنها سنة أربع وأربعين من الهجرة ، ودفنت بالبقيع.




سعيد بن زيد رضي الله عنه



* سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيْل العدوي القرشي ، أبو الأعور ، من خيار الصحابة ابن عم عمر بن الخطاب وزوج أخته ، ولد بمكة عام ( 22 قبل الهجرة ) وهاجر إلى المدينـة ، شهد المشاهد كلها إلا بدرا لقيامه مع طلحة بتجسس خبر العير ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، كان من السابقين إلى الإسلام هو وزوجته أم جميل ( فاطمة بنت الخطـاب )..

* والده:
- وأبوه رضي الله عنه ( زيـد بن عمرو ) اعتزل الجاهليـة وحالاتها ووحّـد اللـه تعالى بغيـر واسطـة حنيفيـاً ، وقد سأل سعيـد بن زيـد الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ( يا رسول الله إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك لآمن بك واتبعك فأستغفر له قال: نعم , فاستغفر له فإنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة ) مسند أحمد.

* المبشرين بالجنة:
- روي عن سعيد بن زيد أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عشرة من قريش في الجنة ، أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن مالك ( بن أبي وقاص ) ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل ، و أبو عبيدة بن الجراح )...رضي الله عنهم أجمعين.

* الدعوة المجابة:
- كان رضي الله عنه مُجاب الدعوة ، وقصته مشهورة مع أروى بنت أوس ، فقد شكته إلى مروان بن الحكم ، وادَّعت عليه أنّه غصب شيئاً من دارها ، فقال: ( اللهم إن كانت كاذبة فاعْمِ بصرها ، واقتلها في دارها )...فعميت ثم تردّت في بئر دارها ، فكانت منيّتُها.

* الولاية:
- كان سعيد بن زيد موصوفاً بالزهد محترماً عند الوُلاة ، ولمّا فتح أبو عبيدة بن الجراح دمشق ولاّه إيّاها ، ثم نهض مع مَنْ معه للجهاد ، فكتب إليه سعيد: ( أما بعد ، فإني ما كنت لأُوثرَك وأصحابك بالجهاد على نفسي وعلى ما يُدْنيني من مرضاة ربّي ، وإذا جاءك كتابي فابعث إلى عملِكَ مَنْ هو أرغب إليه مني ، فإني قادم عليك وشيكاً إن شاء الله والسلام ).

* البيعة:
- كتب معاوية إلى مروان بالمدينة يبايع لابنه يزيد ، فقال رجل من أهل الشام لمروان: ( ما يحبسُك ؟).. قال مروان: ( حتى يجيء سعيد بن زيد يبايع ، فإنه سيـد أهل البلد ، إذا بايع بايع الناس ).. قال: ( أفلا أذهب فآتيك به ؟).. وجاء الشامـي وسعيد مع أُبيّ في الدار ، قال: ( انطلق فبايع ).. قال:( انطلق فسأجيء فأبايع ).. فقال: ( لتنطلقنَّ أو لأضربنّ عنقك ).. قال: ( تضرب عنقي ؟ فو الله إنك لتدعوني إلى قوم وأنا قاتلتهم على الإسلام )..

- فرجع إلى مروان فأخبره ، فقال له مروان: ( اسكت ).. وماتت أم المؤمنين ( أظنّها زينب ) فأوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد ، فقال الشامي لمروان: ( ما يحبسُك أن تصلي على أم المؤمنيـن ؟).. قال مروان: ( أنتظر الذي أردت أن تضرب عنقـه ، فإنها أوصت أن يُصلي عليها ).. فقال الشامي: ( أستغفر الله ).

* وفاته:
- توفي بالمدينة سنة ( 51 هـ ) ودخل قبره سعد بن أبي الوقاص وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين.




عمر بن الخطاب



- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك ).
* الفاروق أبو حفص ، عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العزَّى القرشي العدوي ، ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة ( 40 عام قبل الهجرة ) ، عرف في شبابه بالشـدة والقـوة ، وكانت له مكانة رفيعـة في قومه إذ كانت له السفارة في الجاهلية فتبعثـه قريش رسولا إذا ما وقعت الحرب بينهم أو بينهم و بين غيرهم...وأصبح الصحابي العظيم الشجاع الحازم الحكيم العادل صاحب الفتوحات وأول من لقب بأمير المؤمنين .

* إسلامه :
- أسلم في السنة السادسة من البعثة النبوية المشرفة ، فقد كان الخباب بن الأرت يعلم القرآن لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندما فاجأهم عمر بن الخطـاب متقلـدا سيفه الذي خـرج به ليصفـي حسابه مع الإسـلام ورسوله ، لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة حتى صاح صيحته المباركة :( دلوني على محمد )...

- وسمع خباب كلمات عمر ، فخرج من مخبئه وصاح :( يا عمـر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصـك بدعـوة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، فإني سمعته بالأمس يقول :( اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك ، أبي الحكم بن هشام ، وعمر بن الخطاب )...فسأله عمر من فوره :( وأين أجد الرسول الآن يا خباب ؟)...وأجاب خباب :( عند الصفـا في دار الأرقـم بن أبي الأرقـم )...

- ومضى عمر إلى مصيره العظيم...ففي دار الأرقم خرج إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال :( أما أنت منتهيا يا عمر حتى يُنزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة ؟ اللهم هذا عمر بن الخطاب ، اللهم أعزّ الدين بعمر بن الخطاب )...فقال عمر :( أشهد أنّك رسول الله )...
- وبإسلامه ظهر الإسلام في مكة إذ قال للرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون في دار الأرقم :( والذي بعثك بالحق لتخرجن ولنخرجن معك )...وخرج المسلمون ومعهم عمر ودخلوا المسجد الحرام وصلوا حول الكعبة دون أن تجـرؤ قريش على اعتراضهم أو منعهم ، لذلك سماه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ( الفاروق ) لأن الله فرق بين الحق والباطل .

* لسان الحق :
- هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، ومن علماء الصحابة وزهادهم ، وضع الله الحق على لسانه اذ كان القرآن ينزل موافقا لرأيه ، يقول علي بن أبي طالب : ( إنّا كنا لنرى إن في القرآن كلاما من كلامه ورأياً من رأيه ) ...كما قال عبد الله بن عمر :( مانزل بالناس أمر فقالوا فيه وقال عمر ، إلا نزل القرآن بوفاق قول عمر )..

‏- عن ‏أبي هريرة ‏- ‏رضي الله عنه - ‏‏قال :‏ ‏قال رسـول اللـه ‏-‏ صلى اللـه عليه وسلم -‏ ‏: ( لقد كان فيما قبلكم من الأمم ‏‏محدثون ،‏ ‏فإن يك في أمتي أحد فإنه ‏‏عمر ‏)... و‏زاد ‏‏زكرياء بن أبي زائدة ‏ ‏عن ‏ ‏سعد ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سلمة ‏ ‏عن ‏أبي هريرة ‏‏قال ‏: ‏قال النبي ‏ ‏- صلى الله عليه وسلم -: ( ‏ لقد كان فيمن كان قبلكم من ‏بني إسرائيل‏ ‏رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أمتي منهم أحد ‏‏فعمر )...‏‏قال ‏‏ابن عباس ‏- ‏رضي الله عنهما -: ( ‏‏من نبي ولا محدث ‏)...

* قوة الحق :
- كان قويا في الحق لا يخشى فيه لومة لائم ، فقد ‏استأذن ‏‏عمر بن الخطاب ‏‏على رسول الله ‏- ‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏وعنده ‏‏نسوة ‏من ‏قريش ،‏ ‏يكلمنه ويستكثرنه ، عالية أصواتهن على صوته ، فلما استأذن ‏‏عمر بن الخطاب ‏قمن فبادرن الحجاب ، فأذن له رسول الله - ‏صلى الله عليه وسلم -،‏ ‏فدخل ‏‏عمر ‏‏ورسول الله ‏- ‏صلى الله عليه وسلم - ‏‏يضحك ، فقال ‏‏عمر : (‏ ‏أضحك الله سنك يا رسول الله )...فقال النبي ‏- صلى الله عليه وسلم -‏ ‏:( عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي ، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب )...فقال ‏‏عمر :(‏ ‏فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله )...ثم قال عمر ‏:( ‏يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله ‏-‏ صلى الله عليه وسلم -)...‏فقلن :( نعم ، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله -‏صلى الله عليه وسلم-)...‏فقال رسول الله ‏- ‏صلى الله عليه وسلم - ‏:( إيها يا ‏ابن الخطاب ‏، ‏والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا ‏فجا ‏قط إلا سلك ‏‏فجا ‏غير‏فجك )..

- ومن شجاعته وهيبته أنه أعلن على مسامع قريش أنه مهاجر بينما كان المسلمون يخرجون سرا ، وقال متحديا لهم : ( من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده وترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي )...فلم يجرؤ أحد على الوقوف في وجهه.

* عمر في الأحاديث النبوية :
- رُويَ عن الرسـول - صلى الله عليه وسلم - العديد من الأحاديث التي تبين فضل عمـر بن الخطاب نذكر منها...( إن الله سبحانـه جعل الحق على لسان عمر وقلبه )...( الحق بعدي مع عمـر حيث كان ) ...( لو كان بعدي نبيّ لكان عمـر بن الخطاب )...( إن الشيطان لم يلق عمـر منذ أسلم إلا خرَّ لوجهه )...( ما في السماء ملك إلا وهو يوقّر عمر ، ولا في الأرض شيطان إلا وهو يفرق من عمر )..
- قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأةِ أبي طلحة وسمعت خشفاً أمامي ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا بلال ، ورأيت قصرا أبيض بفنائه جارية ، فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر بن الخطاب ، فأردت أن أدخله فأنظر إليه ، فذكرت غيْرتك )...فقال عمر :( بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار !)..
- وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( بيْنا أنا نائم إذ أتيت بقدح لبنٍ ، فشربت منه حتى إنّي لأرى الريّ يجري في أظفاري ، ثم أعطيت فضْلي عمر بن الخطاب )...قالوا :( فما أوّلته يا رسول الله ؟)... قال :( العلم )...
- قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون عليّ وعليهم قمصٌ ، منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ أسفل من ذلك ، وعُرِضَ عليّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرّه )...قالوا : ( فما أوَّلته يا رسول الله ؟)...قال :( الدين ).

* خلافة عمر :
- رغب أبو بكر - رضي الله عنه - في شخصية قوية قادرة على تحمل المسئولية من بعده ، واتجه رأيه نحو عمر بن الخطاب فاستشار في ذلك عدد من الصحابة مهاجرين وأنصارا فأثنوا عليه خيرا ومما قاله عثمان بن عفان : ( اللهم علمي به أن سريرته أفضل من علانيته ، وأنه ليس فينا مثله )... وبناء على تلك المشورة وحرصا على وحدة المسلمين ورعاية مصلحتهم..

- أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من بعده ، وأوضح سبب اختياره قائلا : ( اللهم إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم ، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم ، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم )...ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد إذ خاطب المسلمين قائلا : ( أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليـت من جهـد الرأي ، ولا وليت ذا قربى ، واني قد استخلفـت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا )...فرد المسلمون :( سمعنا وأطعنا )...وبايعوه سنة ( 13 هـ ).

* انجازاته :
- استمرت خلافته عشر سنين تم فيها كثير من الإنجازات المهمة...لهذا وصفه ابن مسعود - رضي الله عنه - فقال : ( كان إسلام عمر فتحا ، وكانت هجرته نصرا ، وكانت إمامته رحمه ، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي إلى البيت حتى أسلم عمر ، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا )...
- فهو أول من جمع الناس لقيام رمضان في شهر رمضان سنة ( 14 هـ ) ..
- وأول من كتب التاريخ من الهجرة في شهر ربيع الأول سنة ( 16 هـ ) ..
- وأول من عسّ في عمله ، يتفقد رعيته في الليل وهو واضع الخراج ..
- كما أنه مصّـر الأمصار ، واستقضـى القضـاة ، ودون الدواويـن ، وفرض الأعطيـة ، وحج بالناس عشر حِجَـجٍ متواليـة ، وحج بأمهات المؤمنين في آخر حجة حجها...
- وهدم مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وزاد فيه ، وأدخل دار العباس بن عبد المطلب فيما زاد ، ووسّعه وبناه لمّا كثر الناس بالمدينة ..
- وهو أول من ألقى الحصى في المسجد النبوي ، فقد كان الناس إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نفضوا أيديهم ، فأمر عمر بالحصى فجيء به من العقيق ، فبُسِط في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -...
- وعمر - رضي الله عنه - هو أول من أخرج اليهود وأجلاهم من جزيرة العرب إلى الشام ، وأخرج أهل نجران وأنزلهم ناحية الكوفة.

* الفتوحات الإسلامية :
- لقد فتح الله عليه في خلافته دمشق ثم القادسية حتى انتهى الفتح إلى حمص ، وجلولاء والرقة والرّهاء وحرّان ورأس العين والخابور ونصيبين وعسقلان وطرابلس وما يليها من الساحل وبيت المقدس وبَيْسان واليرموك والجابية والأهواز والبربر والبُرلُسّ...وقد ذلّ لوطأته ملوك الفرس والروم وعُتاة العرب حتى قال بعضهم : ( كانت درَّة عمر أهيب من سيف الحجاج ).

* هَيْـبَتِـه و تواضعه :
- وبلغ - رضي الله عنه - من هيبته أن الناس تركوا الجلوس في الأفنية ، وكان الصبيان إذا رأوه وهم يلعبون فرّوا ، مع أنه لم يكن جبّارا ولا متكبّرا ، بل كان حاله بعد الولاية كما كان قبلها بل زاد تواضعه ، وكان يسير منفردا من غير حرس ولا حُجّاب ، ولم يغرّه الأمر ولم تبطره النعمة...

* استشهاده :
- كان عمر - رضي الله عنه - يتمنى الشهادة في سبيل الله ويدعو ربه لينال شرفها : ( اللهم أرزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك )...
- وفي ذات يوم وبينما كان يؤدي صلاة الفجر بالمسجد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي ( غلاما للمغيرة بن شعبة ) عدة طعنات في ظهره أدت إلى استشهاده ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة...
- ولما علم قبل وفاته أن الذي طعنه ذلك المجوسي حمد الله تعالى أن لم يقتله رجل سجد لله تعالى سجدة...
- ودفن إلى جوار الرسول صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر الصديق رضي الله عنه - في الحجرة النبوية الشريفة الموجودة الآن في المسجد النبوي في المدينة المنورة.



عثمان بن عفان رضي الله عنه


أحد المبشرين بالجنة وأمير المؤمنين

عثمان بن عفان رضي الله عنه

* عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي ، كاشفا عن فخذيه أو ساقيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسوى ثيابه - قال محمد : ولا أقول ذلك في يوم واحد - فدخل فتحدث فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك ! فقال عليه الصلاة والسلام: " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ". رواه مسلم.

- هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة القرشي ، أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة الذي جعل عمر الأمر شورى بينهم ، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق ، توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وهو عنه راضٍ صلى إلى القبلتيـن وهاجر الهجرتيـن وبمقتله كانت الفتنة الأولى في الإسلام .

* إسلامه :

- كان عثمان بن عفان رضي الله عنه غنياً شريفاً في الجاهلية ، وأسلم بعد البعثة بقليل ، فكان من السابقين إلى الإسلام ، فهو أول من هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة الأولى والثانية.

- وهو أوّل من شيّد المسجد ، وأوّل من خطَّ المفصَّل ، وأوّل من ختم القرآن في ركعة ، وكان أخوه من المهاجرين عبد الرحمن بن عوف ومن الأنصار أوس بن ثابت أخا حسّان.

- قال عثمان رضي الله عنه: ( إن الله عز وجل بعث محمداً بالحق ، فكنتُ ممن استجاب لله ولرسوله ، وآمن بما بُعِثَ به محمدٌ ، ثم هاجرت الهجرتين وكنت صهْرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعتُ رسول الله فوالله ما عصيتُه ولا غَشَشْتُهُ حتى توفّاهُ الله عز وجل ).

* الصّلابة :

- لمّا أسلم عثمان رضي الله عنه أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أميّة فأوثقه رباطاً ، وقال: ( أترغبُ عن ملّة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّك أبداً حتى تدعَ ما أنت عليه من هذا الدين )..فقال عثمان :( والله لا أدَعُهُ أبداً ولا أفارقُهُ )..فلمّا رأى الحكم صلابتَه في دينه تركه.

* ذي النورين :

- لقّب عثمان رضي الله عنه بذي النورين لتزوجه بنتيْ النبي صلى الله عليه وسلم رقيّة ثم أم كلثوم ، فقد زوّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقيّة ، فلّما ماتت زوّجه أختها أم كلثوم فلمّا ماتت تأسّف رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصاهرته فقال: ( والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوّجنُكَها يا عثمان ).

* سهم بَدْر :

- أثبت له رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمَ البدريين وأجرَهم ، وكان غاب عنها لتمريضه زوجته رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم..فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن لك أجر رجلٍ ممن شهد بدراً وسهمه ).

* الحديبية :

- بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان يوم الحديبية إلى أهل مكة ، لكونه أعزَّ بيتٍ بمكة ، واتفقت بيعة الرضوان في غيبته ، فضرب الرسول صلى الله عليه وسلم بشماله على يمينه وقال :( هذه يدُ عثمان )..فقال الناس :( هنيئاً لعثمان ).

* جهاده بماله :

- قام عثمان بن عفان رضي الله عنه بنفسه وماله في واجب النصرة ، كما اشترى بئر رومة بعشرين ألفاً وتصدّق بها ، وجعل دلوه فيها لدِلاِءِ المسلمين ، كما ابتاع توسعة المسجد النبوي بخمسة وعشرين ألفاً .

- كان الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاةٍ ، فأصاب الناس جَهْدٌ حتى بدت الكآبة في وجوه المسلمين ، والفرح في وجوه المنافقين ، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك قال: ( والله لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزقٍ )..فعلم عثمان أنّ الله ورسوله سيصدقان ، فاشترى أربعَ عشرة راحلةً بما عليها من الطعام ، فوجّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم منها بتسعٍ ، فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال :( ما هذا ؟) ..

قالوا : أُهدي إليك من عثمان . فعُرِفَ الفرحُ في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم والكآبة في وجوه المنافقين ، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه حتى رُؤيَ بياضُ إبطيْه ، يدعو لعثمان دعاءً ما سُمِعَ دعا لأحد قبله ولا بعده :( اللهم اعط عثمان ، اللهم افعل بعثمان ).

- قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ فرأى لحماً فقال: ( من بعث بهذا ؟ )..قلت : عثمان. فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعاً يديْهِ يدعو لعثمان .

* جيش العُسْرة :

- وجهّز عثمان بن عفان رضي الله عنه جيش العُسْرَة بتسعمائةٍ وخمسين بعيراً وخمسين فرساً ، واستغرق الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعاء له يومها ، ورفع يديه حتى أُريَ بياض إبطيه..فقد جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين جهّز جيش العسرة فنثرها في حجره ، فجعل صلى الله عليه وسلم يقلبها ويقول :( ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )..مرتين .

* الحياء :

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أشد أمتي حياءً عثمان ).

- قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: استأذن أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراش ، عليه مِرْطٌ لي ، فأذن له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ، ثم انصرف ثم استأذن عمر فأذن له ، وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ، ثم انصرف ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصلح عليه ثيابه وقال: ( اجمعي عليك ثيابك )..فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، فقلت: ( يا رسول الله ، لم أركَ فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !!)..

فقال :( يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إنْ أذنْتُ له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته )..وفي رواية أخرى :( ألا أستحي ممن تستحيي منه الملائكة ).

* فضله :

- دخل رسـول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال: ( يا بنيّة أحسني إلى أبي عبد الله فإنّه أشبهُ أصحابي بي خُلُقـاً )..وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ يُبغضُ عثمان أبغضه الله )..وقال: ( اللهم ارْضَ عن عثمان )..وقال: ( اللهم إن عثمان يترضّاك فارْضَ عنه ).

- اختَصّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الوحي ، وقد نزل بسببه آيات من كتاب الله تعالى ، وأثنى عليه جميع الصحابة ، وبركاته وكراماته كثيرة ، وكان عثمان رضي الله عنه شديد المتابعة للسنة ، كثير القيام بالليل .

- قال عثمان رضي الله عنه: ( ما تغنيّتُ ولمّا تمنّيتُ ، ولا وضعتُ يدي اليمنى على فرجي منذ بايعتُ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما مرّت بي جمعة إلا وإعتقُ فيها رقبة ، ولا زنيتُ في جاهلية ولا إسلام ، ولا سرقت ).

* اللهم اشهد :

- عن الأحنف بن قيس رضي الله عنه قال: انطلقنا حجّاجاً فمروا بالمدينة ، فدخلنا المسجد ، فإذا علي بن أبي طالب والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص . فلم يكن بأسرع من أن جاء عثمان عليه ملاءة صفراء قد منع بها رأسه فقال :( أها هنا علي ؟ )..قالوا: نعم . قال: ( أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( من يبتاع مِرْبدَ بني فلان غفر الله له ).. فابتعته بعشرين ألفاً أو بخمسة وعشرين ألفاً ، فأتيت رسـول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ( إني قد ابتعته ).. فقال: ( اجعله في مسجدنا وأجره لك ).. قالوا: نعم

قال: ( أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من يبتاع بئر روْمة غفر الله له ) فابتعتها بكذا وكذا ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ( إني قد ابتعتها ).. فقال: ( اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك ) ..قالوا : نعم

قال: ( أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم يوم ( جيش العُسرة ) فقال: ( من يجهز هؤلاء غفر الله له )..فجهزتهم ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً )..قالوا : نعم

قال: ( اللهم اشهد اللهم اشهد ).. ثم انصرف .

* الخلافة :

- كان عثمان رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين ، فقد بايعه المسلمون بعد مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 23 هـ ، فقد عيَّن عمر ستة للخلافة فجعلوا الأمر في ثلاثة ، ثم جعل الثلاثة أمرهم إلى عبد الرجمن بن عوف بعد أن عاهد الله لهم أن لا يألوا عن أفضلهم ، ثم أخذ العهد والميثاق أن يسمعوا ويطيعوا لمن عيّنه وولاه ، فجمع الناس ووعظهم وذكّرَهم ثم أخذ بيد عثمان وبايعه الناس على ذلك ، فلما تمت البيعة أخذ عثمان بن عفان حاجباً هو مولاه وكاتباً هو مروان بن الحكم .

- ومن خُطبته يوم استخلافه لبعض من أنكر استخلافه أنه قال: ( أمّا بعد ، فإنَّ الله بعث محمداً بالحق فكنت ممن استجاب لله ورسوله ، وهاجرت الهجرتين ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله ما غششْتُهُ ولا عصيتُه حتى توفاه الله ، ثم أبا بكر مثله ، ثم عمر كذلك ، ثم استُخْلفتُ ، أفليس لي من الحق مثلُ الذي لهم ؟!).

* الخير :

- انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية.

* الفتوح الإسلامية :

- وفتح الله في أيام خلافة عثمان رضي الله عنه الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص ، ثم إصطخر الآخـرة وفارس الأولى ثم خـو وفارس الآخـرة ، ثم طبرستان ودُرُبجرْد وكرمان وسجستان ، ثم الأساورة في البحر ثم ساحل الأردن.

* الفتنة :

- ويعود سبب الفتنة التي أدت إلى الخروج عليه وقتله أنه كان كَلِفاً بأقاربه وكانوا قرابة سوء ، وكان قد ولى على أهل مصر عبدالله بن سعد بن أبي السّرح فشكوه إليه ، فولى عليهم محمد بن أبي بكر الصديق باختيارهم له ، وكتب لهم العهد ، وخرج معهم مددٌ من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي السّرح ، فلمّا كانوا على ثلاثة أيام من المدينة ، إذ همّ بغلام عثمان على راحلته ومعه كتاب مفترى ، وعليه خاتم عثمان ، إلى ابن أبي السّرح يحرّضه ويحثّه على قتالهم إذا قدموا عليه ، فرجعوا به إلى عثمان فحلف لهم أنّه لم يأمُره ولم يعلم من أرسله ، وصدق رضي الله عنه فهو أجلّ قدراً وأنبل ذكراً وأروع وأرفع من أن يجري مثلُ ذلك على لسانه أو يده ، وقد قيل أن مروان هو الكاتب والمرسل !.

- ولمّا حلف لهم عثمان رضي الله عنه طلبوا منه أن يسلمهم مروان فأبى عليهم ، فطلبوا منه أن يخلع نفسه فأبى ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد قال له: ( عثمان ! أنه لعلّ الله أن يُلبسَكَ قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه ).

* الحصار :

- فاجتمع نفر من أهل مصر والكوفة والبصرة وساروا إليه ، فأغلق بابه دونهم ، فحاصروه عشرين أو أربعين يوماً ، وكان يُشرف عليهم في أثناء المدّة ، ويذكّرهم سوابقه في الإسلام ، والأحاديث النبوية المتضمّنة للثناء عليه والشهادة له بالجنة ، فيعترفون بها ولا ينكفّون عن قتاله !!.. وكان يقول: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ عهداً فأنا صابرٌ عليه ).. ( إنك ستبتلى بعدي فلا تقاتلن ).

- وعن أبي سهلة مولى عثمان رضي الله عنه قال: قلت لعثمان يوماً: ( قاتل يا أمير المؤمنين ).. قال: ( لا والله لا أقاتلُ ، قد وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً فأنا صابر عليه ).

- واشرف عثمان رضي الله عنه على الذين حاصروه فقال: ( يا قوم ! لا تقتلوني فإني والٍ وأخٌ مسلم ، فوالله إن أردتُ إلا الإصلاح ما استطعت ، أصبتُ أو أخطأتُ ، وإنكم إن تقتلوني لا تصلوا جميعاً أبداً ، ولا تغزوا جميعاً أبداً ولا يقسم فيؤكم بينكم ).. فلما أبَوْا قال: ( اللهم أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تبق منهم أحداً ).. فقتل الله منهم مَنْ قتل في الفتنة ، وبعث يزيد إلى أهل المدينة عشرين ألفاً فأباحوا المدينة ثلاثاً يصنعون ما شاءوا لمداهنتهم.

* مَقْتَله :

- وكان مع عثمان رضي الله عنه في الدار نحو ستمائة رجل ، فطلبوا منه الخروج للقتال ، فكره وقال: ( إنّما المراد نفسي وسأقي المسلمين بها ).. فدخلوا عليه من دار أبي حَزْم الأنصاري فقتلوه ، و المصحف بين يديه فوقع شيء من دمـه عليه ، وكان ذلك صبيحـة عيد الأضحـى سنة 35 هـ في بيته بالمدينة .

- ومن حديث مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان: أن عثمان أعتق عشرين عبداً مملوكاً ، ودعا بسراويل فشدَّ بها عليه ، ولم يلبَسْها في جاهلية ولا في الإسلام وقال: ( إني رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام ، ورأيت أبا بكر وعمر وأنهم قالوا لي : اصبر ، فإنك تفطر عندنا القابلة ).. فدعا بمصحف فنشره بين يديه ، فقُتِلَ وهو بين يديه .

- كانت مدّة ولايته رضي الله عنه وأرضاه إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً وأربعة عشر يوماً ، واستشهد وله تسعون أو ثمان وثمانون سنة ودفِنَ رضي الله عنه بالبقيع ، وكان قتله أول فتنة انفتحت بين المسلمين فلم تنغلق إلى اليوم.

* يوم الجمل :

- في يوم الجمل قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ( اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ، ولقد طاش عقلي يوم قُتِل عثمان ، وأنكرت نفسي وجاؤوني للبيعة فقلت: إني لأستَحْيي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:( ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ).. وإني لأستحي من الله وعثمان على الأرض لم يدفن بعد ..

- فانصرفوا ، فلما دُفِنَ رجع الناس فسألوني البيعة فقلت: ( اللهم إني مشفقٌ مما أقدم عليه )..ثم جاءت عزيمة فبايعتُ فلقد قالوا: ( يا أمير المؤمنين ) فكأنما صُدِعَ قلبي وقلت: ( اللهم خُذْ مني لعثمان حتى ترضى ).



شيخ المقارئ الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد



* ولادته ونسبه : ولد القارىء الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد عام 1927 بقرية المراعزة التابعة لمدينة أرمنت بمحافظة قنا بجنوب مصر . حيث نشأ في بقعة طاهرة تهتم بالقرآن الكريم حفظاً وتجويدا ..فالجد الشيخ عبدالصمد كان من الأتقياء والحفظة المشهود لهم بالتمكن من حفظ القرآن وتجويده بالأحكام , .. والوالد هو الشيخ محمد عبدالصمد , كان أحد المجودين المجيدين للقرآن حفظا وتجويدأ .
- أما الشقيقان محمود وعبدالحميد فكانا يحفظان القرآن بالكتاب فلحق بهما أخوهما الأصغر سنا. عبدالباسط , وهو في السادسة من عمره .. كان ميلاده بداية تاريخ حقيقي لقريته ولمدينة أرمنت التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه. التحق الطفل الموهوب عبدالباسط بكتّاب الشيخ الأمير بأرمنت فاستقبله شيخه أحسن ما يكون الإستقبال , لأنه توسم فيه كل المؤهلات القرآنية التي أصقلت من خلال سماعه القرآن يتلى بالبيت ليل نهار بكرة وأصيلا. لاحظ الشيخ ( الأمير ) على تلميذه الموهوب أنه يتميز بجملة من المواهب والنبوغ تتمثل في سرعة استيعابه لما أخذه من القرآن وشدة انتباهه وحرصه على متابعة شيخه بشغف وحب , ودقة التحكم في مخارج الألفاظ والوقف والابتداء وعذوبة في الصوت تشنف الآذان بالسماع والاستماع .. وأثناء عودته إلى البيت كان يرتل ما سمعه من الشيخ رفعت بصوته القوي الجميل متمتعاً بأداء طيب يستوقف كل ذي سمع حتى الملائكة الأبرار.

* يقول الشيخ عبدالباسط في مذكراته : ( .. كان سني عشر سنوات أتممت خلالها حفظ القرآن الذي كان يتدفق على لساني كالنهر الجاري وكان والدي موظفاً بوزارة المواصلات , وكان جدي من العلماء .. فطلبت منهما أن أتعلم القراءات فأشارا علي أن أذهب إلى مدينة طنطا بالوجه البحري لأتلقى علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ ( محمد سليم ) ولكن المسافة بين أرمنت إحدى مدن جنوب مصر وبين طنطا إحدى مدن الوجه البحري كانت بعيدة جداً . ولكن الأمر كان متعلقاً بصياغة مستقبلي ورسم معالمه مما جعلني أستعد للسفر , وقبل التوجه إلى طنطا بيوم واحد علمنا بوصول الشيخ محمد سليم إلى ( أرمنت ) ليستقر بها مدرساً للقراءات بالمعهد الديني بأرمنت واستقبله أهل أرمنت أحسن استقبال واحتفلوا به لأنهم يعلمون قدراته وإمكاناته لأنه من أهل العلم والقرآن , وكأن القدر ساق إلينا هذا الرجل في الوقت المناسب .. وأقام له أهل البلاد جمعية للمحافظة على القرآن الكريم ( بأصفون المطاعنة ) فكان يحفظ القرآن ويعلم علومه والقراءات . فذهبت إليه وراجعت عليه القرآن كله ثم حفظت الشاطبية التي هي المتن الخاص بعلم القراءات السبع .
- بعد أن وصل الشيخ عبدالباسط الثانية عشرة من العمر إنهالت عليه الدعوات من كل مدن وقرى محافظة قنا وخاصة أصفون المطاعنة بمساعدة الشيخ محمد سليم الذي زكّى الشيخ عبدالباسط في كل مكان يذهب إليه .. وشهادة الشيخ سليم كانت محل ثقة الناس جميعاً .

* الشيخ الضباع يقدم الشيخ عبدالباسط للإذاعة : مع نهاية عام 1951 طلب الشيخ الضباع من الشيخ عبدالباسط أن يتقدم إلى الإذاعة كقارىء بها ولكن الشيخ عبدالباسط أراد أن يؤجل هذا الموضوع نظراً لارتباطه بالصعيد وأهله ولأن الإذاعة تحتاج إلى ترتيب خاص . ولكن ترتيب الله وإرادته فوق كل ترتيب وإرادة . كان الشيخ الضباع قد حصل على تسجيل لتلاوة الشيخ عبدالباسط بالمولد الزينبي والذي به خطف الأضواء من المشاهير وتملك الألباب وقدم هذا التسجيل للجنة الإذاعة فانبهر الجميع بالأداء القوي العالي الرفيع المحكم المتمكن وتم اعتماد الشيخ عبدالباسط بالإذاعة عام 1951 ليكون أحد النجوم اللامعة والكواكب النيرة المضيئة بقوة في سماء التلاوة.
- بعد الشهرة التي حققها الشيخ عبدالباسط في بضعة أشهر كان لابد من إقامة دائمة بالقاهرة مع أسرته التي نقلها من الصعيد إلى حي السيدة زينب والذي تسببت في شهرته والتحاقه بالإذاعة وتقديمه كهدية للعالم والمسلمين والإسلام على حد قول ملايين الناس. بسبب إلتحاقه بالإذاعة زاد الإقبال على شراء أجهزة الراديو وتضاعف إنتاجها وانتشرت بمعظم البيوت للإستماع إلى صوت الشيخ عبدالباسط وكان الذي يمتلك ( راديو ) في منطقة أو قرية من القرى كان يقوم برفع صوت الراديو لأعلى درجة حتى يتمكن الجيران من سماع الشيخ عبدالباسط وهم بمنازلهم وخاصة كل يوم سبت على موجات البرنامج العام من الثامنة وحتى الثامنة والنصف مساءً . بالإضافة إلى الحفلات الخارجية التي كانت تذاع على الهواء مباشرة من المساجد الكبرى .

* زياراته المتعددة إلى دول العالم : بدأ الشيخ عبدالباسط رحلته الإذاعية في رحاب القرآن الكريم منذ عام 1952م فانهالت عليه الدعوات من شتى بقاع الدنيا في شهر رمضان وغير شهر رمضان .. كانت بعض الدعوات توجه إليه ليس للإحتفال بمناسبة معينة وإنما كانت الدعوة للحضور إلى الدولة التي أرسلت إليه لإقامة حفل بغير مناسبة وإذا سألتهم عن المناسبة التي من أجلها حضر الشيخ عبدالباسط فكان ردهم ( بأن المناسبة هو وجود الشيخ عبدالباسط ) فكان الإحتفال به ومن أجله لأنه كان يضفي جواً من البهجة والفرحة على المكان الذي يحل به .. وهذا يظهر من خلال استقبال شعوب دول العالم له استقبالاً رسمياً على المستوى القيادي والحكومي والشعبي .. حيث استقبله الرئيس الباكستاني في أرض المطار وصافحه وهو ينزل من الطائرة .. وفي جاكرتا بدولة أندونيسيا قرأ القرآن الكريم بأكبر مساجدها فامتلأت جنبات المسجد بالحاضرين وامتد المجلس خارج المسجد لمسافة كيلو متر مربع فامتلأ الميدان المقابل للمسجد بأكثر من ربع مليون مسلم يستمعون إليه وقوفا على الأقدام حتى مطلع الفجر .
- وفي جنوب أفريقيا عندما علم المسئولون بوصوله أرسلوا إليه فريق عمل إعلامي من رجال الصحافة والإذاعة والتليفزيون لإجراء لقاءات معه ومعرفة رأيه عما إذا كانت هناك تفرقة عنصرية أم لا من وجهة نظره , فكان أذكى منهم وأسند كل شيء إلى زميله وابن بلده ورفيق رحلته القارىء الشيخ أحمد الرزيقي الذي رد عليهم بكل لباقة وأنهى اللقاء بوعي ودبلوماسية أضافت إلى أهل القرآن مكاسب لا حد لها فرضت احترامهم على الجميع .
- كانت أول زيارة للشيخ عبدالباسط خارج مصر بعد التحاقه بالإذاعة عام 1952 زار خلالها السعودية لأداء فريضة الحج ومعه والده .. واعتبر السعوديون هذه الزيارة مهيأة من قبل الله فهي فرصة يجب أن تجنى منها الثمار , فطلبوا منه أن يسجل عدة تسجيلات للمملكة لتذاع عبر موجات الإذاعة .. لم يتردد الشيخ عبدالباسط وقام بتسجيل عدة تلاوات للمملكة العربية السعودية أشهرها التي سجلت بالحرم المكي والمسجد النبوي الشريف ( لقب بعدها بصوت مكة ) .. ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي زار فيها السعودية وإنما تعددت الزيارات ما بين دعوات رسمية وبعثات وزيارات لحج بيت الله الحرام .
- ومن بين الدول التي زارها ( الهند ) لإحياء احتفال ديني كبير أقامه أحد الأغنياء المسلمين هناك .. فوجيء الشيخ عبدالباسط بجميع الحاضرين يخلعون الأحذية ويقفون على الأرض وقد حنّوا رؤوسهم إلى أسفل ينظرون محل السجود وأعينهم تفيض من الدمع يبكون إلى أن انتهى من التلاوة وعيناه تذرفان الدمع تأثراً بهذا الموقف الخاشع . لم يقتصر الشيخ عبدالباسط في سفره على الدول العربية والإسلامية فقط وإنما جاب العالم شرقاً وغرباً .. شمالاً وجنوباً وصولاً إلى المسلمين في أي مكان من أرض الله الواسعة .. ومن أشهر المساجد التي قرأ بها القرآن هي المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة بالسعودية والمسجد الأقصى بالقدس وكذلك المسجد الإبراهيمي بالخليل بفلسطين والمسجد الأموي بدمشق وأشهر المساجد بآسيا وإفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا ولندن والهند ومعظم دول العالم , فلم تخل جريدة رسمية أو غير رسمية من صورة وتعليقات تظهر أنه أسطورة تستحق التقدير والإحترام .

* تكريمه : يعتبر الشيخ عبدالباسط القارىء الوحيد الذي نال من التكريم حظاً لم يحصل عليه أحد بهذا القدر من الشهرة والمنزلة التي تربع بها على عرش تلاوة القرآن الكريم لما يقرب من نصف قرن من الزمان نال خلالها قدر من الحب الذي جعل منه أسطورة لن تتأثر بمرور السنين بل كلما مر عليها الزمان زادت قيمتها وارتفع قدرها كالجواهر النفيسة ولم ينس حياً ولا ميتاً فكان تكريمه حياً عام 1956 عندما كرمته سوريا بمنحه وسام الاستحقاق ووسام الأرز من لبنان والوسام الذهبي من ماليزيا ووسام من السنغال وآخر من المغرب وآخر الأوسمة التي حصل عليها كان بعد رحيله من الرئيس محمد حسن مبارك في الاحتفال بليلة القدر عام 1990م.

* رحلته مع المرض والوفاة : تمكن مرض السكر منه وكان يحاول مقاومته بالحرص الشديد والالتزام في تناول الطعام والمشروبات ولكن تاضمن الكسل الكبدي مع السكر فلم يستطع أن يقاوم هذين المرضين الخطيرين فأصيب بالتهاب كبدي قبل رحيله بأقل من شهر فدخل مستشفى الدكتور بدران بالجيزة إلا أن صحته تدهورت مما دفع أبناءه والأطباء إلى نصحه بالسفر إلى الخارج ليعالج بلندن حيث مكث بها أسبوعاً وكان بصحبته ابنه طارق فطلب منه أن يعود به إلى مصر وكأنه أحسّ أن نهار العمر قد ذهب , وعيد اللقاء قد اقترب. فما الحياة إلا ساعة ثم تنقضي , فالقرآن أعظم كرامة أكرم الله بها عبده وأجل عطية أعطاها إياه فهو الذي استمال القلوب وقد شغفها طرباً وطار بها فسافرت إلى النعيم المقيم بجنات النعيم , وقد غمر القلوب حباً وسحبهم إلى الشجن فحنت إلى الخير والإيمان وكان سبباً في هداية كثير من القلوب القاسية وكم اهتدى بتلاوته كثير من الحائرين فبلغ الرسالة القرآنية بصوته العذب الجميل كما أمره ربه فاستجاب وأطاع كالملائكة يفعلون ما يؤمرون .
- وكان رحيله ويوم وداعه بمثابة صاعقة وقعت بقلوب ملايين المسلمين في كل مكان من أرجاء الدنيا وشيّعه عشرات الآلاف من المحبين لصوته وأدائه وشخصه على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وكانت جنازته وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي فحضر تشييع الجنازة جميع سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء دولهم تقديراً لدوره . في مجال الدعوة بكافة أشكالها حيث كان سبباً في توطيد العلاقات بين كثير من شعوب دول العالم ليصبح يوم 30 نوفمبر من كل عام يوم تكريم لهذا القارىء العظيم ليذكّر المسلمين بيوم الأربعاء 30/11/1988م الذي توقف عنه وجود المرحوم الشيخ عبدالباسط بين أحياء الدنيا ليفتح حياةً خالدةً مع أحياء الآخرة يرتل لهم القرآن الكريم كما كان يرتل في الدنيا .

رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به في فردوس الجنة .. اللهم آمين.



مجدد هذا العصر



نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية
لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني
رحمه الله تعالى

* نشأته :
- ولد الشيخ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني عام 1333 ه الموافق 1914 م في مدينة أشقودرة عاصمة دولة ألبانيا - حينئذ - عن أسرة فقيرة متدينة يغلب عليها الطابق العلمي، فكان والده مرجعاً للناس يعلمهم و يرشدهم.
- هاجر صاحب الترجمة بصحبة والده إلى دمشق الشام للإقامة الدائمة فيها بعد أن انحرف أحمد زاغو (ملك ألبانيا) ببلاده نحو الحضارة الغربية العلمانية.
- أتم العلامة الألباني دراسته الإبتدائية في مدرسة الإسعاف الخيري في دمشق بتفوق.
- نظراً لرأي والده الخاص في المدارس النظامية من الناحية الدينية، فقد قرر عدم إكمال الدراسة النظامية ووضع له منهجاً علمياً مركزاً قام من خلاله بتعليمه القرآن الكريم، و التجويد، و النحو و الصرف، و فقه المذهب الحنفي، و قد ختم الألباني على يد والده حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، كما درس على الشيخ سعيد البرهاني مراقي الفلاح في الفقه الحنفي و بعض كتب اللغة و البلاغة، هذا في الوقت الذي حرص فيه على حضور دروس و ندوات العلامه بهجة البيطار.
- أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادهاحتى صار من أصحاب الشهره فيها، و أخذ يتكسب رزقه منها، وقد وفرت له هذه المهنه وقتاً جيداً للمطالعة و الدراسة، و هيأت له هجرته للشام معرفة باللغة العربية و الاطلاع على العلوم الشرعية من مصادرها الأصلية.

* توجهه إلى علم الحديث و اهتمامه به :
- على الرغم من توجيه والد الألباني المنهجي له بتقليد المذهب الحنفي و تحذيره الشديد من الاشتغال بعلم الحديث، فقد أخذ الألباني بالتوجه نحو علم الحديث و علومه، فتعلم الحديث في نحو العشرين من عمره متأثراً بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا (رحمه الله) و كان أول عمل حديثي قام به هو نسخ كتاب " المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار" للحافظ العراقي (رحمه الله) مع التعليق عليه.

- كان ذلك العمل فاتحة خير كبير على الشيخ الألباني حيث أصبح الاهتمام بالحديث و علومه شغله الشاغل، فأصبح معروفاً بذلك في الأوساط العلمية بدمشق، حتى إن إدارة المكتبة الظاهرية بدمشق خصصت غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه العلمية المفيدة، بالإضافة إلى منحه نسخة من مفتاح المكتبة حيث يدخلها وقت ما شاء، أما عن التأليف و التصنيف، فقد ابتدأهما في العقد الثاني من عمره، و كان أول مؤلفاته الفقهية المبنية على معرفة الدليل و الفقه المقارن كتاب " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " و هو مطبوع مراراً، و من أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية أيضاً كتاب " الروض النضير في ترتيب و تخريج معجم الطبراني الصغير" و لا يزال مخطوطاً.
- كان لإشتغال الشيخ الألباني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أثره البالغ في التوجه السلفي للشيخ، و قد زاد تشبثه و ثباته على هذا المنهج مطالعته لكتب شيخ الإسلام ابن تيميه و تلميذه ابن القيم و غيرهما من أعلام المدرسة السلفية.

- حمل الشيخ الألباني راية الدعوة إلى التوحيد و السنة في سوريا حيث زار الكثير من مشايخ دمشق و جرت بينه و بينهم مناقشات حول مسائل التوحيد و الإتباع و التعصب المذهبي و البدع، فلقي الشيخ لذلك المعارضة الشديدة من كثير من متعصبي المذاهب و مشايخ الصوفية و الخرافيين و المبتدعة، فكانوا يثيرون عليه العامة و الغوغاء و يشيعون عنه بأنه "وهابي ضال" و يحذرون الناس منه، هذا في الوقت الذي وافقه على دعوته أفاضل العلماء المعروفين بالعلم و الدين في دمشق، و الذين حضوه على الاستمرار قدماً في دعوته و منهم، العلامة بهجت البيطار، الشيخ عبد الفتاح الإمام رئيس جمعية الشبان المسلمين في سوريا، الشيخ توفيق البزرة، و غيرهم من أهل الفضل و الصلاح (رحمهم الله).

* نشاط الشيخ الألباني الدعوي :
* نشط الشيخ في دعوته من خلال :
1- دروسه العلمية التي كان يعقدها مرتين كل أسبوع حيث يحضرها طلبة العلم و بعض أساتذة الجامعات و من الكتب التي كان يدرسها في حلقات علمية:
- فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب.
- الروضة الندية شرح الدرر البهية للشوكاني شرح صديق حسن خان.
- أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف.
- الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير شرح احمد شاكر.
- منهاج الإسلام في الحكم لمحمد أسد.
- فقه السنه لسيد سابق.
2- رحلاته الشهريه المنتظمة التي بدأت بأسبوع واحد من كل شهر ثم زادت مدتها حيث كان يقوم فيها بزيارة المحافظات السورية المختلفه، بالإضافة إلى بعض المناطق في المملكة الأردنية قبل استقراره فيها مؤخراً، هذا الأمر دفع بعض المناوئين لدعوة الألباني إلى الوشاية به عند الحاكم مما أدى إلى سجنه.

* صبره على الأذى .... و هجرته:
- في أوائل 1960م كان الشيخ يقع تحت مرصد الحكومة السوريه، مع العلم أنه كان بعيداً عن السياسة، و قد سبب ذلك نوعاً من الإعاقة له. فقد تعرض للإعتقال مرتين، الأولى كانت قبل 67 حيث اعتقل لمدة شهر في قلعة دمشق وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها شيخ الاسلام (ابن تيمية)، وعندما قامت حرب 67 رأت الحكومة أن تفرج عن جميع المعتقلين السياسيين.
- لكن بعدما اشتدت الحرب عاد الشيخ إلى المعتقل مرة ثانية، و لكن هذه المرة ليس في سجن القلعة، بل في سجن الحسكة شمال شرق دمشق، و قد قضى فيه الشيخ ثمانية أشهر، و خلال هذه الفترة حقق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري واجتمع مع شخصيات كبيرة في المعتقل.

* أعمال ... إنجازات ... جوائز:
- لقد كان للشيخ جهود علمية و خدمات عديدة منها:
1- كان شيخنا- رحمه الله - يحضر ندوات العلامة الشيخ محمد بهجت البيطار - رحمه الله - مع بعض أساتذة المجمع العلمي بدمشق، منهم عز الدين التنوحي- رحمه الله - إذ كانوا يقرؤن "الحماسة" لأبي تمام.
2- اختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي، التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955 م.
3- اختير عضواً في لجنة الحديث، التي شكلت في عهد الوحدة بين مصر و سوريا، للإشراف على نشر كتب السنة و تحقيقها.

4- طلبت إليه الجامعة السلفية في بنارس "الهند" أن يتولى مشيخة الحديث، فاعتذر عن ذلك لصعوبة اصطحاب الأهل و الأولاد بسبب الحرب بين الهند و باكستان آنذاك.
5- طلب إليه معالي وزير المعارف في المملكة العربية السعودية الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ عام 1388 ه ، أن يتولى الإشراف على قسم الدراسات الإسلامية العليا في جامعة مكة، وقد حالت الظروف دون تحقيق ذلك.
6- اخير عضواً للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من عام 1395 ه إلى 1398 ه.
7- لبى دعوة من اتحاد الطلبة المسلمين في أسبانيا، و ألقى محاضرة مهمة طبعة فيما بعد بعنوان " الحديث حجة بنفسه في العقائد و الأحكام".
8- زار قطر و ألقى فيها محاضرة بعنوان"منزلة السنة في الإسلام".

9- انتدب من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رئيس إدارة البحوث العلمية و الإفتاء للدعوة في مصر و المغرب و بريطانيا للدعوة إلى التوحيد و الاعتصام بالكتاب و السنة و المنهج الإسلامي الحق.
10- دعي إلى عدة مؤتمرات، حضر بعضها و اعتذر عن كثير بسبب أشغالاته العلمية الكثيرة.
11- زار الكويت و الإمارات و ألقى فيهما محاضرات عديدة، وزار أيضا عدداً من دول أوروبا، و التقى فيها بالجاليات الإسلامية و الطلبة المسلمين، و ألقى دروساً علمية مفيدة.
12- للشيخ مؤلفات عظيمة و تحقيقات قيمة، ربة على المئة، و ترجم كثير منها إلى لغات مختلفة، و طبع أكثرها طبعات متعددة و من أبرزها، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، وسلسلة الأحاديث الصحيحة و شيء من فقهها و فوائدها، سلسلة الأحاديث الضعيفة و الموضوعة و أثرها السيئ في الأمة، وصفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها.

13- و لقد كانت قررت لجنة الإختيار لجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية من منح الجائزة عام 1419ه / 1999م ، و موضوعها " الجهود العلمية التي عنيت بالحديث النبوي تحقيقاً و تخريجاً و دراسة" لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني السوري الجنسية، تقديراً لجهوده القيمة في خدمة الحديث النبوي تخريجاً و تحقيقاً ودراسة و ذلك في كتبه التي تربو على المئة.

* قالوا عن الشيخ:
* سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:
- ما رأيت تحت أديم السماء عالماً بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني، وسئل سماحته عن حديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم-: "إن الله يبعث لهذه ألأمه على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" فسئل من مجدد هذا القرن، فقال -رحمه الله-: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مجدد هذا العصر في ظني والله أعلم.

* فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد:
- لقد كان رحمه الله من العلماء الأفذاذ الذين أفنوا أعمارهم في خدمة السنة و التأليف فيها و الدعوة إلى الله عز و جل و نصرة العقيدة السلفية و محاربة البدعة، و الذب عن سنة الرسول- صلى الله عليه و سلم- و هو من العلماء المتميزين، و قد شهد تميزه الخاصة و العامة. و لاشك أن فقد مثل هذا العالم من المصائب الكبار التي تحل بالمسلمين. فجزاه الله خيراً على ما قدم من جهود عظيمة خير الجزاء و أسكنه فسيح جناته.

* العلامة محمد بن صالح العثيمين:
- فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنه حريص جداً على العمل بالسنة، و محاربة البدعة، سواء كان في العقيدة أم في العمل، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك، و أنه ذو علم جم في الحديث، رواية و دراية، و أن الله تعالى قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس، من حيث العلم و من حيث المنهاج و الاتجاه إلىعلم الحديث، و هذه ثمرة كبيرة للمسلمين و لله الحمد، أما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به.

* العلامة المفسر محمد الأمين الشنقيطي:
- يقول الشيخ عبد العزيز الهده : " إن العلامة الشنقيطي يجل الشيخ الألباني إجلالاً غريباً، حتى إذا رآه ماراً وهو في درسه في الحرم المدني يقطع درسه قائماً ومسلماً عليه إجلالاً له ".

* الشيخ عبد الله العبيلان:
- أعزي نفسي و إخواني المسلمين في جميع أقطار الأرض بوفاة الإمام العلامة المحقق الزاهد الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، و في الحقيقة الكلمات تعجز أن تتحدث عن الرجل، ولو لم يكن من مناقبه إلا أنه نشأ في بيئة لا تعد بيئة سلفية، و مع ذلك صار من أكبر الدعاة إلى الدعوة السلفية و العمل بالسنة و التحذير من البدع لكان كافياً، حتى أن شيخنا عبد الله الدويش و الذي يعد من الحفاظ النادرين في هذا العصر و قد توفي في سن مبكرة، يقول رحمه الله : منذ قرون ما رأينا مثل الشيخ ناصر كثرة إنتاج وجودة في التحقيق، ومن بعد السيوطي إلى وقتنا هذا لم يأت من حقق علم الحديث بهذه الكثرة و الدقة مثل الشيخ ناصر.

* وصية العلامة الألباني لعموم المسلمين :
- إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله .. وبعد
فوصيتي لكل مسلم على وجه الأرض و بخاصة إخواننا الذين يشاركوننا في الإنتماء إلى الدعوة المباركة دعوة الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح.
- أوصيهم و نفسي بتقوى الله تبارك و تعالى أولاً، ثم بالإستزادة بالعلم النافع، كما قال تعالى ( واتقوا الله و يعلمكم الله ) و أن يعرفوا عملهم الصالح الذي هو عندنا جميعاً لا يخرج عن كونه كتاب و سنة، و على منهج السلف الصالح، و أن يقرنوا مع عملهم هذا و الاستزادة منه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا العمل بهذا العلم، حتى لا يكون حجة عليهم، وإنما يكون حجة لهم يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أحذرهم من مشاركة الكثير ممن خرجوا عن المنهج السلفي بأمور كثيرة.. و كثيرة جداً، يجمعها كلمة "الخروج" على المسلمين و على جماعتهم، و إنما نأمرهم بأن يكونوا كما قال - عليه الصلاة و السلام - في الحديث الصحيح:" وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله تبارك و تعالى" و علينا - كما قلت في جلسة سابقة وأعيد ذلك مرة أخرى- و في الإعادة إفادة، و علينا أن نترفق في دعوتنا المخالفين إليها، و أن تكون مع قوله تبارك و تعالى دائما و أبداً: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن ) وأول من يستحق أن نستعمل معه هذه الحكمة هو من كان أشد خصومة لنا في مبدئنا و في عقيدتنا، حتى لا نجمع بين ثقل دعوة الحق التي امتن الله عز و جل بها علينا و بين ثقل أسلوب الدعوة إلى الله عز و جل، فأرجو من إخواننا جميعاً في كل بلاد الإسلام أن يتأدبوا بهذه الآداب الإسلامية، ثم أن يبتغوا من وراء ذلك وجه الله عز و جل، لا يريدون جزاءً و لا شكوراً.

* آخر وصية للعلامة المحدث:
- أوصي زوجتي و أولادي و أصدقائي وكل محب لي إذا بلغه وفاتي أن يدعو لي بالمغفرة و الرحمة - أولاً- وألا يبكون علي نياحة أو بصوت مرتفع.
وثانياً: أن يعجلوا بدفني، و لا يخبروا من أقاربي و إخواني إلا بقدر ما يحصل بهم واجب تجهيزي، وأن يتولى غسلي (عزت خضر أبو عبد الله) جاري و صديقي المخلص، ومن يختاره - هو- لإعانته على ذلك.
وثالثاً: أختار الدفن في أقرب مكان، لكي لا يضطر من يحمل جنازتي إلى وضعها في السيارة، و بالتالي يركب المشيعون سياراتهم، وأن يكون القبر في مقبرة قديمة يغلب على الظن أنها سوف لا تنبش...
وعلى من كان في البلد الذي أموت فيه ألا يخبروا من كان خارجها من أولادي - فضلاً عن غيرهم- إلا بعد تشييعي، حتى لا تتغلب العواطف، و تعمل عملها، فيكون ذلك سبباً لتأخير جنازتي.
سائلاً المولى أن ألقاه و قد غفر لي ذنوبي ما قدمت و ما أخرت..
وأوصي بمكتبتي- كلها- سواء ما كان منها مطبوعاً، أو تصويراً، أو مخطوطاً- بخطي أو بخط غيري- لمكتبة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، لأن لي فيها ذكريات حسنة في الدعوة للكتاب والسنة، وعلى منهج السلف الصالح - يوم كنت مدرساً فيها -.
راجياً من الله تعالى أن ينفع بها روادها، كما نفع بصاحبها -يومئذ- طلابها، وأن ينفعني بهم و بإخلاصهم و دعواتهم.
( رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين ).
27 جمادى الأول 1410هـ

* وفاته:
- توفي العلامة الألباني قبيل يوم السبت في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة 1420هـ، الموافق الثاني من أكتوبر 1999م، و دفن بعد صلاة العشاء.
- و قد عجل بدفن الشيخ لأمرين أثنين:
الأول: تنفيذ و صيته كما أمر.
الثاني: الأيام التي مر بها موت الشيخ رحمه الله و التي تلت هذه الأيام كانت شديدة الحرارة، فخشي أنه لو تأخر بدفنه أن يقع بعض الأضرار أو المفاسد على الناس الذين يأتون لتشييع جنازته رحمه الله فلذلك أوثر أن يكون دفنه سريعاً.
- بالرغم من عدم إعلام أحد عن وفاة الشيخ إلا المقربين منهم حتى يعينوا على تجهيزه و دفنه، بالإضافة إلى قصر الفترة ما بين وفات الشيخ و تدفنه، إلا أن آلاف المصلين قد حضروا صلاة جنازته حيث تداعى الناس بأن يعلم كل منهم أخاه.





















توقيع : محمود داوود

عرض البوم صور محمود داوود   رد مع اقتباس
قديم 08-04-2012, 07:55 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
ابوتركي الحازمي
اللقب:
مدير عام سابق
الرتبة


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 2627
المشاركات: 4,986 [+]
بمعدل : 0.98 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابوتركي الحازمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : محمود داوود المنتدى : شخصيات اسلامية
افتراضي

مشكور اخي محمود داؤود على المعلومات الرائعه ومفيده وجزاك في ما كتبة وجعله في ميزان حسناتك









عرض البوم صور ابوتركي الحازمي   رد مع اقتباس
قديم 08-04-2012, 10:58 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
حنين الاشواق
اللقب:
المديرة التنفيذية
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية حنين الاشواق


البيانات
التسجيل: Sep 2009
العضوية: 576
المشاركات: 6,683 [+]
بمعدل : 1.26 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
حنين الاشواق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : محمود داوود المنتدى : شخصيات اسلامية
افتراضي

مشكور للمجهود الواضح والمبذول اخى الفاضل
سلمت يداك
جزاك الله خيرا









عرض البوم صور حنين الاشواق   رد مع اقتباس
قديم 08-04-2012, 06:08 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
محمود داوود
اللقب:
عضو فخري
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية محمود داوود


البيانات
التسجيل: Feb 2012
العضوية: 9126
المشاركات: 1,613 [+]
بمعدل : 0.36 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
محمود داوود غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : محمود داوود المنتدى : شخصيات اسلامية
مشكور اخي ابو تركي الحازمي على مرورك على مواضيعي بارك الله فيك









توقيع : محمود داوود

عرض البوم صور محمود داوود   رد مع اقتباس
قديم 08-04-2012, 06:09 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
محمود داوود
اللقب:
عضو فخري
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية محمود داوود


البيانات
التسجيل: Feb 2012
العضوية: 9126
المشاركات: 1,613 [+]
بمعدل : 0.36 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
محمود داوود غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : محمود داوود المنتدى : شخصيات اسلامية
مشكورة اختي حنين الاشواق على مرورك على مواضيعي بارك الله فيكي









توقيع : محمود داوود

عرض البوم صور محمود داوود   رد مع اقتباس
قديم 08-04-2012, 08:18 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
عبد الواهب
اللقب:
موقوف
الرتبة


البيانات
التسجيل: Dec 2011
العضوية: 8444
المشاركات: 5,335 [+]
بمعدل : 1.19 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
عبد الواهب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : محمود داوود المنتدى : شخصيات اسلامية
افتراضي

مشكور اخي وارجو اعادة الترتيب الصحابة اولا













عرض البوم صور عبد الواهب   رد مع اقتباس
قديم 08-04-2012, 08:39 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
محمود داوود
اللقب:
عضو فخري
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية محمود داوود


البيانات
التسجيل: Feb 2012
العضوية: 9126
المشاركات: 1,613 [+]
بمعدل : 0.36 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
محمود داوود غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : محمود داوود المنتدى : شخصيات اسلامية
مشكور اخي عبد الواهب على مرورك بارك الله فيك









توقيع : محمود داوود

عرض البوم صور محمود داوود   رد مع اقتباس
قديم 15-06-2012, 04:25 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
أسامة
اللقب:
عضو جديد
الرتبة


البيانات
التسجيل: Jun 2012
العضوية: 10641
المشاركات: 27 [+]
بمعدل : 0.01 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
أسامة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : محمود داوود المنتدى : شخصيات اسلامية
افتراضي

مشكور









عرض البوم صور أسامة   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2012, 02:37 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
صياد الاشارات
اللقب:
موقوف
الرتبة


البيانات
التسجيل: Oct 2012
العضوية: 12265
المشاركات: 2,872 [+]
بمعدل : 0.68 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
صياد الاشارات غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
إرسال رسالة عبر AIM إلى صياد الاشارات إرسال رسالة عبر Yahoo إلى صياد الاشارات

كاتب الموضوع : محمود داوود المنتدى : شخصيات اسلامية
جزاك الله خير وشكرا لك:khafj(12)::khafj(12):









عرض البوم صور صياد الاشارات   رد مع اقتباس
قديم 08-04-2013, 10:28 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
الباحت
اللقب:
عضو مجتهد
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية الباحت


البيانات
التسجيل: Dec 2012
العضوية: 13530
المشاركات: 104 [+]
بمعدل : 0.03 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
الباحت غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : محمود داوود المنتدى : شخصيات اسلامية
السلام عليكم اللهم آمين (اللهم انصر الاسلام والمسلمين بارك الله فيكم اخوتى الاعزاء.والله الموفق.









عرض البوم صور الباحت   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اسلامية, شخصيات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شخصيات وأعلام رومانية سنفور طارق الحضارة الرومانية 13 25-10-2015 11:40 PM
شخصيات اسلاميه semo fayez الحضارة الاسلامية 7 03-10-2009 10:35 PM
كيف تقرأ شخصيات الاخرين شيماء وجيه منتدى المواضيع العامة 1 18-08-2009 11:52 PM
شخصيات للتاريخ....... احلام لا تنام منتدى المواضيع العامة 0 25-06-2009 05:16 PM


الساعة الآن 06:37 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir